كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 142 """"""
أستعين ؟ قالت : بالله ؛ قلت : من الناس ؛ قالت : الجلد النشيط ، والصالح الأمين ؛ قلت : فمن أستشير ؟ قالت : المجرب الكيس ، أو الأديب الأريب ؛ قلت : فمن أستصحب ؟ قالت : الصديق المسلم ، أو المؤاخي المتكرم ؛ ثم قالت : يا بناه ، إنك تفد إلى ملك الملوك فانظر كيف يكون مقامك بين يديه .
وقال حكيم : من الذي بلغ جسيما فلم يبطر ، واتبع الهوى فلم يعطب ؛ وجاور النساء فلم يفتتن ، وطلب إلى اللئام فلم يهن ، وواصل الأشرار فلم يندم ، وصحب السلطان فدامت سلامته .
وقال : الاعتبار يفيدك الرشاد ، وكفاك أدبا لنفسك ما كرهت من غيرك .
وكان يقال : عليكم بالأدب فإنه صاحبٌ في السفر ، ومؤنسٌ في لوحدة ، وجمالٌ في المحفل ، وسببٌ إلى طلب الحاجة .
وقال بعضهم : احذر كل الحذر من أن يخدعك الشيطان فيمثل لك التواني في صورة التوكل ، ويورثك الهوينى بالإحالة على القذر ، فإن الله تعالى أمر بالتوكل عند انقطاع الحيل ، بالتسليم للقضاء بعد الإعذار ، فقال تعالى : " خذوا حذركم " " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " .
وقال آخر : لا تجاهد الطلب جهاد الغالب ، ولا تتكل على القدر اتكال المستسلم ، فإن ابتغاء الفضل من السنة ، والإجمال في الطلب من العفة ، وليست العفة بدافعة رزقا ، ولا الحرص بجالب فضلا . وقالوا : عشر خصالٍ في عشر أصناف أقبح منها في غيرهم : الضيق في الملوك ، والغدر في الأشراف ، والكذب في القضاة ، والخديعة في العلماء ، والغضب في الأبرار ، والحرص في الأغنياء ، والسفه في الشيوخ ، والمرض في الأطباء ، والزهو في الفقراء ، والفجور في القراء .
وقالوا : ثمانيةٌ إذا أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم : الآتي طعاما لم يدع إليه ، والمتأمر على رب البيت في بيته ، وطالب المعروف من غير أهله ، وراجٍ