كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 144 """"""
نروح ونغدو لحاجاتنا . . . وحاجة من عاش لا تنقضي
تموت مع المرء حاجاته . . . وتبقى له حاجةٌ ما بقي
وقال المتنبي :
ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته . . . ما قاته وفضول العيش أشغال
وقد جمع من شعر أبي الطيب في ذلك ما وافق كلام أرسطوطاليس في الحكمة ؛ فمن ذلك قول أرسطوطاليس : إذا كانت الشهوة فوق القدرة كان هلاك الجسم دون بلوغ الشهوة .
قال المتنبي :
وإذا كانت النفوس كبارا . . . تعبت في مرادها الأجسام
وقال أرسطوطاليس : قد يفسد العضو لصلاح أعضاء ، كالكي والفصد اللذين يفسدان الأعضاء لصلاح غيرها . نقله المتنبي إلى شعره فقال :
لعل عتبك محمودٌ عواقبه . . . فربما صحت الأجساد بالعلل
وقال أرسطوطاليس : الظلم من طبع النفوس ، وإنما يصدها عن ذلك إحدى علتين : إما علة دينية خوف معاد ، أو علة سياسية خوف سيف قال المتنبي :
والظلم من شيم النفوس فإن تجد . . . ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يظلم
هذا ما اتفق إيراده في هذا الباب من أمر كتابة الإنشاء ، وكلام الصحابة والخلفاء ، وذوى الفصاحة من الأمراء ، وبلاغات الخطباء والفصحاء ، ورسائل الفضلاء والبلغاء ، وفقر الكتاب والأدباء ، وحكم أوائل الحكماء ؛ وهو مما يضطر الكاتب إليه ، ويعتمد في الاطلاع على ما خفى من أمر هذه الصناعة عليه ؛ وهي إشاراتٌ إلى مجموعها ، ورشفاتٌ من ينبوعها ؛ وبابٌ يتوصل منه إلى رحابها ، وسلمٌ يرتقى عليه إلى هضباتها ، ومسيلٌ عذبٌ يتصل بعبابها ؛ فقد وضح لك أيها الطالب السبيل ، وظهر لك أيها الراغب قيام الدليل ؛ وفيما أوردناه كفايةٌ لمن تمسك بهذه الصناعة