كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 145 """"""
ورغب فيها ، وغنيةٌ لمن تأمل مقاصدها وتدبر معانيها ؛ فلنذكر كتابة الديوان والتصرف .
ذكر كتابة الديوان وقلم التصرف وما يتصل بذلك
قد ذكرنا في أول هذا الباب في السفر السابع من هذا الكتاب اشتقاق الكتابة ، ولم سميت بذلك ، وذكرنا أيضاً أصلها وشرفها وفؤادها ، فلا حاجة إلى إعادته في هذا الموضع ، فلنذكر الآن ما يتعلق بقلم الديوان والتصرف والحساب ؛ وإن كنا قدمنا ذكر كتاب الإنشاء لما هم بصدده من الصدارة والوجاهه ، والنبالة والنباهه ؛ والفصاحة والصباحه ، والنزاهة والسماحه ؛ والأمانة والديانه ، والسيادة والصيانه ؛ ولما تصدوا له من كتم أسرار الدول ، وتردوا به من محاسن الأواخر ومآثر الأول ، والتحفوا به من مطارف الفضائل والمكارم ، وتحلوا به من صفات الأفاضل والأكارم ؛ إلى غير ذلك من مناقبهم الجمه ، وأياديهم التي وضحت غررا في ليالي الخطوب المدلهمه ؛ فكتاب الحساب أكثر تحقيقا ، وأقرب إلى ضبط الأموال طريقا ، وأدل برهانا ، وأوضح بيانا ، قال الله تعالى في كتابه العزيز : " لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيءٍ فصلناه تفصيلاً " وذهب بعض المفسرين لكتاب الله تعالى في قوله تعالى إخبارا عن يوسف عليه السلام : " قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظٌ عليمٌ " ، أي كاتبٌ حاسب .
وروى البخاري عن أبي حميد الساعدي قال : " استعمل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رجلا من الأسد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه " فقد صح أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حاسب ؛ وبكتاب الحساب تحفظ الأموال وتضبط الغلال ؛ وتحد قوانين البلاد ؛ وتميز الطوارف من التلاد ؛ لم يفخر كتاب الإنشاء بمنقبة إلا فخروا بمناقب ، ولا سموا إلى مرتبة إلا وقد رقوا إلى مراتب ؛ ولا تميزوا برسالة إلا ولهؤلاء

الصفحة 145