كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 16 """"""
اعتياقه ؛ وأما تفضله بكذا فالخادم ما يقوم بشكره ، ولا يقدره حق قدره ؛ وقد أحال مكافأة المجلس على ملىءٍ قادر ، ومسرة خاطرة عليه يوم تبلى السرائر ؛ والله تعالى يصله برزقٍ سني ؟ يملأ إناه ، ويوضح هداه ؛ ولا يخلي المجلس من جميل عوائده ، ويمنحه أفضل وأجزل فوائده إن شاء الله تعالى .
ومن مكاتباته يتشوق إلى إخوانه وأدوائه ، ومحبيه وأوليائه - كتب إلى بعضهم :
أأحبابنا هل تسمعون على النوى . . . تحية عان أو شكية عاتب
ولو حملت ريح الشمال إليكم . . . كلاما طلبنا مثله في الجنائب
أصدر العبد هذه الخدمة وعنده شوقٌ يغور به وينجد ، ويستغيث من ناره بماء الدمع فيجيب وينجد ؛ ويتعلل بالنسيم فيغري ناره بالإحراق ، ويرفع النواظر إلى السلوان فيعيدها الوجد في قبضة الإطراق ؛ أسفاً على زمنٍ تصرم ، ولم يبق إلا وجداً تضرم ، وقلباً في يد البين المشت يتظلم
ليالى نحن في غفلات عيش . . . كأن الدهر عنا في وثاق
فلا تنفس خادمه نفساً إلا وصله بذكره ، ولا أجرى كلاماً إلا قيده بشكره ، ولا سار في قفرٍ إلا شبهه برحيب صدره ، ولا أطل على جبل إلا احتقره بعلي قدره ، ولا مر بروضةٍ إلا خالها تفتحت أزهارها عن كريم خلقه ونسيم عطره ، ولا أوقد المصطلحون ناراً إلا ظنهم اقتبسوها من جمره ، ولا نزل على نهر إلا كاثر دمعه ببحره
سقى الله تلك الدار عودة أهلها . . . فذلك أجدى من سحاب وقطره
لئن جمع الشمل المشتت شمله . . . فما بعدها ذنبٌ يعد لدهره
فكيف ترى أشواقه بعد عامه . . . إذا كان هذا شوقه بعد شهره
الصفحة 16
224