كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 160 """"""
ومنها معرفة عوائد أرباب الصلات والإنعام ، ومصاريف أرباب المناصب عند ولايتهم ، وما جرت عليه عوائدهم من الإنعام في خلال مباشراتهم بالأسباب الموجبة لذلك وغير الأسباب ، وعوائد أرباب التقادم والصناع وغيرهم .
ومنها ضبط ما يصل إلى الخزانة من تقادم الملوك والنواب ، ويقابل ما يصل منها في الوقت الحاضر على ما تقدم ، ويحرر زيادته من نقصه ، ويكون ذلك على خاطره ، فإن سأله ولي الأمر عنه أجابه ، وإلا فلا يبدؤه ؛ ويضبط عادات مهاداة الملوك وما جهز إلى كل ؟ منهم في السنين الخالية ، وما كان قد وصل من هداياهم ، وما جرت عليه عادات رسلهم وقصادهم من التشاريف والإنعام .
ومنها ضبط ما جرت به العادة من كسا أرباب العوائد المقررة في كل سنة على اختلاف طبقاتهم من أرباب الرتب والمناصب والمماليك السلطانية وغيرهم ، وتواريخ صرف الكسوة إليهم . ومنها تجهيز ما جرت العادة بأن يجهز في خزائن الصحبة عند استقلال ركاب السلطان من مقر ملكه ، إما إلى الصيد والنزهة ، وإما لكشف ممالكه عند انتقاله من مملكة إلى أخرى ، أو في حروبه عند ملاقاة الأعداء ، فيجهز ما جرت به العادة في ذلك ، ولا يزيد عليه إلا بمرسوم ولي الأمر ، ولا يستكثر من استصحاب صنف من الأصناف عند توجهه إلى معدن ذلك الصنف ومظنته ، ولا إلى الخزانة منه بحمله ، بل يستصحب منه ما يكون معه ذخيرة واحتياطا ، إذ لو طلب الملك ذلك الصنف في مسيره قبل وصوله إلى معدن ذلك الصنف كان معه منه ما يسد به الضرورة ، ولا يعتذر بأنه ما استصحبه معه بحكم توجهه إلى معدنه ، وأنه فعل ذلك للمصلحة الظاهرة ، فإن الملوك لا تحتمل مثل ذلك ، ولا تصبر على أن يفقد من ذخائرها ما تطلبه ؛ ويستكثر من استصحاب الصنف المعدوم في ذلك الوجه الذي يتوجه إليه ، ويحمل أنه يكفيه في مسيره وعوده ؛ والله أعلم .

الصفحة 160