كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 161 """"""
ومنها ضبط ما يتسلمه الصناع من مزركش وخياط وفراء ونجاد وسراج وخردفوشي وغيرهم بالوزن والذرع والعدد ، ويحرزه عند استعادته من صانعه .
ومنها تحرير ما يصل إليه من الأقمشة من دار الأعمال وما جرت به العادة أن يحمل منها في كل مدة ليطالب به إن تأخر عن وقته ؛ وإن قل صنف من الأصناف عنده يبادر بمطالعة وزير المملكة أو مدبرها بذلك ليخلص من عهدته ، وعلى وزير المملكة ومدبرها طلب ذلك الصنف من مظانه وحمله إلى الخزانة .
وأما ملبوس الملك المختص بنفسه وعادته في التفصيل والحبس والطول والسعة فهو أمر متعلق برأس نوبة الجمدارية ، وهو المقدم عليهم ، فعليه أن يحضر إلى الخزانة ويختار من الأقمشة ما يعلم أنه ملائم لخاطر السلطان وموافقٌ لغرضه ، فيفصل منه ما يراه على ما يراه من أنواع التفصيل ، وعلى معلم الخياطين الدرك في طوله وسعته وهندامه ، ولا يستغني المباشر عن معرفة ذلك ، ولا يستغنى أيضا عن معرفة قيم الأشياء على اختلافها وعادة التفصيل والترفئة والجندرة والحشو ليشارك رب كل صنعة في صناعته بنظره ولسانه ، ولا يكون في ذلك مقلدا جملة ، بل يشاركهم فيما هم فيه ، وعليهم الدرك دونه فيما لعله يعرض في ذلك من خللٍ إن وقع ، لأن هذه الصناعات زائدةٌ على وظيفته ولازمةٌ لأولئك ؛ فأيما رجل اجتمعت فيه هذه الأوصاف تعين على ولي الأمر ندبه لمباشرة الخزانة ، وقرر له كفايته ، وألزمه إن امتنع .
وأما مباشر بيت المال - فعمدته على ضبط ما يدخل إليه وما يخرج منه ، ويحتاج في ضبط ما يصل إليه من الأموال إلى أن يقيم لكل عمل من الأعمال وجهةٍ من الجهات أوراقا مترجمةً باسم العمل أو الجهة ، ووجوه أموالها ، فإذا وصل إليه المال وضع الرسالة الواصلة قريبةً من ذلك العمل ، ثم شطبها بما يصح عنده من