كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 173 """"""
الله سبحانه واحد ، فيحتمل نفى هذا الإيمان بالله تأويلين ، أحدهما : لا يؤمنون بكتاب الله سبحانه وتعالى وه القرآن ، والثاني : لا يؤمنون برسوله محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، لأن تصديق الرسل إيمانٌ بالمرسل ؛ وقوله : " ولا باليوم الآخر " يحتمل تأويلين ، أحدهما : لا يخافون وعيد اليوم الآخر وإن كانوا معترفين بالثواب والعقاب ، والثاني : لا يصدقون بما وصفه الله تعالى من أنواع العذاب ؛ وقوله تعالى : " ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله " يحتمل تأويلين ، أحدهما : ما أمر الله سبحانه بنسخه من شرائعهم ، والثاني : ما أحله لهم وحرمه عليهم ؛ " ولا يدينون دين الحق " فيه تأويلان ، أحدهما : ما في التوراة والإنجيل من اتباع الرسول - وهو قول الكلبي - ، والثاني : الدخول في دين الإسلام - وهو قول الجمهور - ، وقوله : " من الذين أوتوا الكتاب " فيه تأويلان ، أحدهما : من أتباع الذين أوتوا الكتاب ، والثاني : من الذين ملتهم الكتاب ، لأنهم في اتباعه كإيتائه ؛ وقوله : " حتى يعطوا الجزية فيه تأويلان ، أحدهما : حتى يدفعوا الجزية ، والثاني حتى يضمنوها ، لأنه بضمانها يجب الكف عنهم ؛ وفي الجزية تأويلان ، أحدهما : أنها من الأسماء المجملة التي لا يعرف منها ما أريد بها إلا ما خصصه دليل ؛ واسمها مشتق ؟ من الجزاء ، وهو إما جزاءٌ على كفرهم ، أو جزاءٌ على أماننا لهم ؛ وفي قوله : " عن يدٍ " تأويلان ، أحدهما : عن غنىً وقدرة ، والثاني : أن يعتقدوا أن لنا في أخذنا منهم يداً وقدرةً عليهم ؛ وفي قوله : " وهم صاغرون تأويلان ، أحدهما : أذلاء مساكين ، والثاني : أن تجرى عليهم أحكام الإسلام . وقال غيره : الصغار أن يضرب على فك الذمى برؤوس الأنامل عند قيامه بالجزية ضربا لطيفا غير مؤلم . وقال الماوردي : فيجب على ولي الأمر أن يضرب الجزية على رقاب من دخل في الذمة من أهل الكتاب ليقروا بها في دار الإسلام ؛ ويلتزم لهم ببذلها حقين : أحدهما الكف عنهم ، والثاني الحماية لهم ، ليكونوا بالكف آمنين ،

الصفحة 173