كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 176 """"""
أن يمنعوا من ركوب الخيل عتاقا وهجنا ، ولا يمنعوا من ركوب البغال والحمير ؛ قال : فهذه الستة المستحبة لا تلزم بعقد الذمة حتى تشترط فتصير بالشرط ملتزمة ، ولا يكون ارتكابها بعد الشرط نقضا للعهد ، لكن يؤخذون بها إجبارا ، ويؤدبون إن لم يشترط ذلك عليهم ، ويحتاط به .
وتجب الجزية عليهم في كل سنة مرةً واحدةً بعد انقضائها بالشهور الهلالية ، ومن مات منهم في أثناء السنة أخذ من تركته بقدر ما مضى منها ، ومن أسلم كان ما لزم من جزيته دينا في ذمته يؤخذ منه ؛ وأسقطها أبو حنيفة بإسلامه وموته ؛ ومن بلغ من صغارهم ، أو أفاق من مجانينهم استقبل به حولٌ ثم أخذ بالجزية ويؤخذ الفقير بها إذا أيسر ، وينتظر بها إذا لأعسر ؛ ولا تسقط عن شيخٍ ولا زمن ، وقيل : تسقط عنهما وعن الفقير ؛ ولأهل العهد إذا دخلوا دار الإسلام الأمان على نفوسهم وأموالهم ، ولهم أن يقيموا فيها أربعة أشهر بغير جزية ، ولا يقيموا سنةً إلا بجزية ، وفيما بين الزمانين خلاف ؛ ويلزم الكف عنهم كأهل الذمة ، ولا يلزم الدفع عنهم ؛ وإذا أمن بالغٌ عاقلٌ من المسلمين حربيا لزم أمانه كافة المسلمين ، والمرأة في بذل الأمان كالرجل ، والعبد فيه كالحر ؛ وقال أبو حنيفة : لا يصح أمان العبد إلا أن يكون مأذونا له في القتال ؛ وإذا تظاهر أهل الذمة والعهد بقتال المسلمين كانوا حربا لوقتهم ، يقتل مقاتلهم ، ويعتبر حال من عدا المقاتلة منهم بالرضا بفعلهم والإنكار له ؛ وإذا امتنع أهل الذمة عهدهم لم يستبح بذلك قتلهم ، ولا غنم أموالهم ، ولا سبى ذراريهم ما لم يقاتلوا ، ووجب إخراجهم من بلاد المسلمين آمنين حتى يلحقوا مأمنهم من أدنى بلاد الشرك ، فإن لم يخرجوا طوعا أخرجوا كرها ؛ فهذه هي الأحكام الشرعية في أمر الجزية .