كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 186 """"""
عليه ، زرع أرضه أوعطلها ، وهو لا يبطل بوفاة المقاطع على الأرض ، بل ينتقل على ورثته ، ويطالبون به أبدا ما تعاقبوا وتناسلوا ، ولا يوضع عنهم إلا أن ابتلع البحر الأرض المقاطع عليها بعد أن يعلموا بذلك مشاريح تثبت عند حاكم البلد أن البحر ابتلع تلك الأراضي بكاملها أو بعضها ، ولا ينهض مباشر الناحية أو ناظر العمل بوضعه مع وجود المحضر الثابت ، بل يحضر المقاطع على الأرض أو من انتقلت إليه بالإرث أو الابتياع إلى باب السلطان ، ويرفع قصةً إلى الوزير بصورة الحال ، ويوقع عليها بقلمه أن يوضع عنه من خراج الراتب بقدر ما ابتلعه البحر بمقتضى المحضر ، ويستمر حكم ما بقي ، ويكتب على ظهر قصته : توقيعٌ شريفٌ سلطاني ؛ ويثبت بدواوين الباب السلطاني ، ثم يثبت بديوان العمل الجامع ، ثم ينزل في ديوان البلد التي بها تلك الأرض ، ويوضع عند ذلك من الضريبة الديوانية ؛ هذا حكم الخراج بالديار المصرية وقاعدته والعادة فيه .
وأما جهات الخراجي بالشام وكيفيتها وما يعتمد عليه مباشروها - فإن قانون البلاد الشامية مبني ؟ على نزول الغيث ، ووقوع الأمطار في إبانها وأوقات الاحتياج إليها ، فمن ذلك المطر المسمى : الوسمى ، وهو الذي يقع في فصل الخريف ، وعند وقوع هذا المطر يخد شق الأراضي المكروبة بالسكك ، ثم يبذر الحب فيها ، ويعاد شق الأرض عليه ليخفي عن الطير خشية التقاطه ، فإذا نزل عليه المطر الثاني بعد ذلك نبت وبرز إلى وجه الأرض ، وهو عند ذلك يسمى : الأحوى ، ثم لا تزال الأمطار تسقيه والأنواء تغذيه حتى يصير غثاء ، ثم يقع عليه بعد ذلك المطر المسمى بالمطر الفاطم ، وهو غالبا يكون في شهر نيسان ، ثم يعقد في الحب بعد ذلك ، وينتهى على عادة الزرع ؛ هذا حكم ما يزرع على الوسمى .

الصفحة 186