كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 192 """"""
وهذه الاختلافات بين الكتاب هي بحسب آرائهم وعادات النواحي وما استقرت عليه قواعدها ؛ وإنما أوردنا ذلك على سبيل التنبيه عليه ، وذكر مصطلح الكتاب فيه .
وأما أقصاب السكر ومعاصرها - فهي تختلف بحسب الأماكن والبقاع والنواحي والديار المصرية والشأم ، وتختلف أيضا في الديار المصرية بحسب الأعمال والنواحي والأراضي ؛ وقاعدتها الكلية التي لا تكاد تختلف في الديار المصرية أن تختار لها الأراضي الجيدة الدمثة التي شملها الري وعلاها النيل ، ويقلع ما بها من الحلفاء وتنظف ؛ ثم تبرش بالمقلقلات - وهي محاريث كبار - ستة وجوه ، وتجرف حتى تمهد ، ثم تبرش ستة وجوهٍ أخرى وتجرف - ومعنى البرش الحرث - ؛ فإذا صلحت وطابت ونعمت وصارت ترابا ناعما وتساوت بالتجريف تشق عند ذلك بالمقلقلات ، ويرمى القصب فيها قطعتين : قطعةً مثناةً ، وقطعةً مفردة ؛ وذلك بعد أن تجعل أحواضا وتفرز لها جداول يصل الماء منها إلى تلك الأحواض ، ويكون طول كل قطعة منها ثلاثة أنابيب كوامل وبعض أنبوبة من أعلى القطعة وبعض أخرى من أسفلها ؛ ويختار برسم النصب من الأقصاب ما قصرت أنابيبها ، وكثرت عيونها ؛ فإذا تكامل النصب أعيد التراب عليه ؛ وصورة النصب أن تكون القطعة ملقاةً لا قائمة ؛ ثم يسقى من حال نصبه في أول فصل الربيع في كل أسبوع مرة ؛ فإذا نبت القصب وصار أوراقاً ظاهرةً على وجه الأرض نبتت معه الحلفاء والبقلة الحمقاء ، فعند ذلك تعزق أرضه - ومعنى العزق أن تنكش الأرض وينظف ما نبت مع القصب - ويتعاهد بذلك مرةً بعد أخرى إلى أن يغزر القصب ويقوى ويتكاثف ، فلا يتمكن العزاق من الأرض ، فيقال فيه عند ذلك : طرد القصب عزاقه ، وذلك عند بروز الأنبوب منه ؛ ومجموع ما يسقى بالقادوس ثمانيةٌ وعشرون ماءً .

الصفحة 192