كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 194 """"""
فتمنع الفأر من الوصول إلى القصب ، فإنه إذا تسلق في الحائط وانتهى إلى آخرها منعته تلك الحافة المقلوبة وأصابت رأسه فيسقط إلى الأرض .
هذا ما يلزم المباشر الاحتفال به واعتماده في أمر القصب .
فإذا كان في أول كيهك من شهور القبط كسرت الأقصاب وقشرت ، ونقلت إلى المعاصر ؛ وإذا كان في أوان نصب القصب من السنة الثانية حرقت آثار الأقصاب وسقيت وعزقت كما تقدم ، فتنبت أرضها القصب ؛ ويسمونه بمصر : الخلفة ، ويسمون الأول : الرأس ؛ وقنود الخلفة في الغالب أجود من قنود الرأس .
ذكر كيفية الاعتصار والطبخ وتقدير المحتصل
الذي جرت عليه العادة بالديار المصرية أن الأقصاب إذا نقلت من المكسر إلى المعصرة على ظهور الجمال أو الحمير وضعت في مكان برسمها يسمى دار القصب ، بها وتراتٌ وحطبٌ ورجالٌ مرصدون لإصلاح القصب بالسكاكين الكبار التي مقدار حديدها ثلثا ذراع ، في عرض سدس ذراع في سمك إبهام ، فينظفون عيدان القصب ، ويقطعون من أعلاه ما ليس فيه حلاوة ، ويسمونه اللكوك ، وينظفون أسفل العود مما لعله به من عروق وطين ؛ ويسمى هذا الإصلاح التطهير ؛ ثم ينقل من تلك الوترات إلى وترات أخر مؤبدةٍ بأعلى حائطٍ عريضٍ مرتفعٍ عن الأرض ، أحد جانبي الحائط مما يلي دار القصب ، والوجه الآخر إلى بيتٍ آخر يسمى بيت النوب ؛ وعلى ذلك الحائط رجالٌ جالسون في مقاعد أعدت لهم ، وبأيديهم السكاكين التي ينظف بها القصب ، والوترات المؤبدة أمامهم ، فيجمع الرجل منهم عدة عيدان من القصب ، ويضعها على الوترة ، ويقطعها قطعا صغارا فتسقط في بيت النوب ؛ ثم تنقل من بيت النوب إلى الحجر في أفرادٍ تسمى العيارات متساوية المقادير ؛ فيوضع ذلك القصب المقطع تحت الحجر ؛ ويدور