كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 196 """"""
في دسوت من النحاس ، لكل دست منها قبضتان من الخشب مسمورتان في أعلاه يقبض الرجل عليهما ليقياه حرارة الدست ؛ ويصب ذلك المطبوخ - ويسمى إذ ذاك المحلب - يف أباليج من الفخار ضيقة الأسافل ، متسعة الأعالي ، مبخوش في أسفل كل أبلوجة منها ثلاثة أبخاش مسدودةٌ بقش القصب ، وهذه الأباليج موضوعةٌ في مكان يسمى بيت الصب ، فيه مصاطب مبنيةٌ مستطيلة تشبه المذاود ، ويجعل تحت كل أبلوجة من تلك الأباليج قادوس يقطر فيه ما يتخلص من رقيق ذلك المحلب - وهو العسل القطر - ثم يخدمها الرجال بالكرانيب مرة بعد أخرى حتى تمتلئ تلك الأباليج ، وهي تختلف ، فمنها ما يسع أكثر من قنطار ، وأقل منه ؛ فإذا امتلأت وتكاملت خدمتها وأخذت في الجفاف نقلت من بيت الصب إلى بيت الدفن ؛ فتعلق فيه على قواديس يقطر فيها ما بقي من أعسالها .
وأما أوساخ الأقصاب التي تنظف منها في دار القصب فإنها تعتصر على انفرادها ، وتطبخ بمفردها ، وتسمى الخابية ، وهي أردأ من عسل القصب .
ولما يتحصل من الاعتصار أسماءٌ وعبر : منها الضريبة ، ومنها الوضعة ، ومنها اليد ؛ فالضريبة عبارة عن ثماني أيادٍ ؛ واليد ملء خابية ؛ والخابية ثلاثة آلاف رطل من عصير القصب بالرطل الليثي كما تقدم ؛ فتكون الضريبة أربعةً وعشرين ألف رطل من الماء ، يجمد منها مع جودة القصب وصلاحه من القند خمسةٌ وعشرون قنطارا إلى خمسة عشر قنطارا ، ومن الأعسال اثنا عشر قنطارا إلى ثمانية قناطير ؛ ونهاية ما يتحصل من الفدان القصب ثلاثة ضرائب : منها قندٌ وقطرٌ ضريبتان ونصف وعسل خابيةٍ نصف ضريبةٍ مقدارها أربعة وعشرون قنطارا بالمصري ؛ ومن الأقصاب ما يفسد فلا يجمد طبيخ مائه ولا يصير قندا ، فيطبخ عسلا ، ويسمونه المرسل ؛

الصفحة 196