كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 197 """"""
وهذا الذي ذكرناه من الوضع والمتحصل والتسمية اصطلاح بلاد قوص من الصعيد الأعلى بالديار المصرية ، وهو وإن اختلف في غيرها من البلاد فلا يبعد من هذا الترتيب .
وأما أقصاب الشأم - فهي تختلف أوضاعها بحسب البقاع والنواحي والأعمال ، فمنها ما هو بالسواحل الطرابلسية والبيروتية والعكاوية ؛ ولهم اصطلاحٌ في نصب الأقصاب واعتصارها : فمنها ما يعتصر بحجارة الماء ، ومنها ما يعتصر بالأبقار ، ومنها ما يعتصر بالسهام ؛ وليس ذكرها وبسط القول فيها من المهمات التي تقتضي الانصباب إليها ؛ والذي قدمنا ذكره أيضا من أمر أقصاب مصر هو على الحقيقة فلاحةٌ ودولبة ، وليس هو كتابة ، وهو للمباشر زيادةٌ على صناعته ، على أنه لا يستغنى عن معرفته والاطلاع عليه .
وعمدة المباشر في الاعتصار ضبط ما يتحصل ، وحراسته من السارق والخائن والمفرط ؛ ويلزم مباشر الاعتصار أن ينظم في كل يوم وليلة مخزومةً بما اعتصر وبما تحصل ؛ فإذا اتنهى الاعتصار نظم عملا شاملا لجميعه على ما نشرحه في الأوضاع الحسابية .
والقند إذا جف وأخذ حده من البياض نقل إلى مطابخ السكر ، فيحل بالماء وشيء من اللبن الحليب ، ويطبخ فيصير منه السكر البياض والقطارة ؛ ويتحصل من كل قنطار من القند ربعه وسدسه سكرا ، وثلثه وربعه قطارة ؛ ومنه ما يكرر ثانيا فيصير في غاية البياض والنقاء ، وقطارته تقارب قطر النبات ؛ ومنه أيضا ما يطبخ نباتا ؛ وهذه أمور جملية يستدل منها على المقاصد ، والمباشر تشمل ما لا يمكن إيراده في كتاب ، وتظهر ما لا يكاد ينحصر بخطاب ، فلنذكر الأوضاع الحسابية .

الصفحة 197