كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 20 """"""
وكتب أيضاً :
أكذا كل غائبٍ . . . غاب عمن يحبه
غاب عنه بشخصه . . . وسلا عنه قلبه
ولو أن لي يداً تكتب ، أو لساناً يسهب ، أو خاطراً يستهل ، أو فؤاداً يستدل ؛ لوصفت إليه شوقاً إن استمسك بالجفون نثر عقدها ، أو نزل بالجوانح أسعر وقدها ؛ أو تنفس مشتاقٌ أعان على نفسه ، وظنه استعاره من قبسه ؛ أو ذكر محب ؟ حبيباً خاله خطر في خلده ، وتفادى من أن يخطر به ذكر جلده
حتى كأن حبيبا قبل فرقته . . . لا عن أحبته ينأى ولا بلده
بالله لا ترحموا قلبي وإن بلغت . . . به الهموم فهذا ما جنى بيده
ولولا رجاؤه أن أوقات الفراق سحابة صيف تقشعها الرياح ، وزيارة طيفٍ يخلعها الصباح ؛ لاستطار فؤاده كمدا ، ولم يجد ليوم مسرته أمدا ؛ ولكنه يتعلل بميعاد لقياه ، ويدافع سما أعله بلعله أو عساه
غنىً في يد الأحلام لا أستفيده . . . ودينٌ على الأيام لا أتقاضاه
ومن غرائب هذه الفرقه ، وعوارض هذه الشقه ؛ أن مولاي قد بخل بكتابه وهو الذي يداوي به أخوه غليل اكتئابه ، ويستعديه على طارق الهم إذا لج في انتيابه
كمثل يعقوب ضل يوسفه . . . فاعتاض عنه بشم أثوابه وهب أن فلاناً عاقه عن الكتب عائق ، واختدع ناظره كمن هو في ناضر عيشٍ رائق ؛ فما الذي عض لمولانا حتى صار جوهر وده عرضا ، وجعل قلبي لسهام إعراضه غرضا ؟
بي منه ما لو بدا للشمس ما طلعت . . . من المكاره أو للبرق ما ومضا
الصفحة 20
224