كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 30 """"""
ويتلقاه قبل يده بقلبه ، ويكاد يسبق ضميره إلى أكله وشربه
ويظنه والطرف معقودٌ به . . . شخص الرقيب بدا لعين محبه
وإذا ضن مولاه بمأثوره ، جاد عليه بميسوره ؛ . . .
فكأنني أهديت للشمس السنا . . . وطرحت ما بين المصاحف دفترا
وعلى كل حالٍ فيسأله أن يواصله من مراسمه بما ينتظره ناظره ليجد نورا ، وقلبه ليستشعر به سرورا ، وخاطره ليجعله بينه وبين الهم سورا ؛ وألا يخلى رفقةً من كتابٍ ولو بالقلائد القلائل من درر أقلامه ، ودراري كلامه . وكتب : لو استعار الخادم - أدام الله نعمة المجلس - أنفاس البشر كلاما ، وأغصان الشجر أقلاما ؛ وبياض النهار أطراسا ، وسواد الليل أنقاسا ؛ ما عبر عن الوجد الذي عبرت عنه عبراته ، ولا عن الشوق الذي لا يستثيره مثله معبداً إذا هزجت في الثقيل الأول نبراته ؛ أسفا على ما عدمه في هذه الطريق ، من ذلك المحيا الطليق ، والخلق الذي هو بكل مكرمةٍ خليق ، والصفات التي يحسن بها كل حسنٍ ويليق ، ويعذر كل جفنٍ يسفح ذخيرته شوقا إليها ويريق
قفا أو خذا في العذل أي طريق . . . فما أنا من سكر الهوى بمفيق
أما والهوى إن الهوى لأليةٌ . . . يعظمها في الحب كل مشوق
لو أن الهوى مما تصح هباته . . . لقاسمت منه قلب كل صديق
وما زار ناظر خادمه الكرى إلا تمثل له مولاه طيفا يهم أن يتعلق بأذياله ، وقبل تمويه ناظره على قلبه في وصاله
وود أن سواد الليل مد له . . . وزاد فيه سواد القلب والبصر