كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 34 """"""
ومكان النجح في آماله ؛ وأنه بحمد الله في نعمةٍ منه - لا غير الله ما به منها ، ولا صرفها عنه ولا صرفها عنها - فيجدد لله الشكر والحمد ، ويبلغه ما يبلغه منها المراد والقصد ؛ ونسأل الله ألا يخلى الدولة الناصرية منه ناصرا لسلطانها ، وعينا لأعيانها ؛ وسيفا في يد الإسلام يناضل عن حقه ، وفرعا شريفا يشهد مرآه بشرف عرقه ؛ والرأي أعلى في إجرائه على ما عود من هذا الإنعام ، وزيادته شرفا بالاستنهاض - إن صلح له - والاستخدام .
ومن جواب آخر : ورد كتاب المجلس - أدام الله واردات الإقبال على آماله ، ولا سلبت الأيام نعمتي جميله وإجماله ، ولا انحط قدر بدره عن درجتي تمامه وكماله ، وأحسن جزاءه عن ميثاق الفضل الذي نهض باحتماله - ووقفت منه على ما لا يجد الشكر عنه محيدا ، وآنست به القلب الذي كان وحيدا ، وعددت يوم وصوله السعيد عيدا ، ووردت منه بئرا معطلةً وحللت قصرا مشيدا ؛ ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وتلك الغاية ليست في وسعي ، ولا تعلم نفسٌ إلا ما طرق سمعها ، وتلك المحاسن ما طرق مثلها سمعى ، ولا تتناول يدٌ إلا ما وسعه ذرعها ، وهذه الأوابد الأباعد ما طالها ذراعي ولا استقل بها ذرعي .
ومن آخر : خلد الله أيام المجلس ، عضد الملة الحنيفية منه بحاميها ، والأركان الإسلامية من سيفه بشائدها وبانيها ، وأمتع الدولة المحمدية بعزمته التي حسنت الكفاية بها ، فلا غرو أن تحسن الكفاية فيها ؛ ولا عدمت الدنيا نضرةً بأيامه النضيره ، والدين نصرةً بأعلامه النصيره ؛ المملوك يقبل التراب الذي يوماً يستقر بحوافر سيله ، ويوما يستقر بحوافر خيله - فلا زال في يوم السلم جوده سحابا صائبا ، ويوم الحرب شهابا ثاقبا - وينهى أنه وردت عليه المكاتبة التي استيقظت بها آماله من وسنها ، وأفادته معنىً من الجنة فإنها أذهبت ما بالنفوس من حزنها ، وتلقى المملوك قبلها بالسجود والتقبيل ، وتحلى بعقود سطورها فهيهات بعد هذا

الصفحة 34