كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 36 """"""
ومن آخر : ورد كتابه ووقفت على ما أودعه من فضل خط ؟ وفصل خطاب ، وعقائل عقولٍ ما كنا لها من الأكفاء وإن كنا من الخطاب ، وآثار أقلامٍ تناضل عن الملة نضال النصال ، وكأنها فضل سبقٍ لما تحوزه من حق السبق وخصل الخصال ؛ فأعيذ الإسلام من عدمه ، ولا عدم بسطة قلمه ، وثبوت قدمه ؛ فإنه الآن عين الآثار ، وأثر الأعيان ، وخاطر الحفظ إلا أن الخطوب تصحب فيه خواطر النسيان ؛ ولينٌ اهتصر الدهر سطوا ، واختصر خطوا ؛ وإنه سيفٌ يمانٍ إن قدم عهدا ، فقد حسن فرندا ، وخشن حدا ؛ وأجرى نهرا ، وأورى شررا ؛ واخضر خميله ، وقطع الأيام جميله ؛ وضارب الأيام فأجفلت عن مضاربه ضرائبها ، وشردت عن عزمه غرائبها ؛ ولبسها حتى أنهجت بواليا ، ثم اختار منها أياما وأبى أن يلبسها لياليا ؛ لا جرم أن صحيفته البيضاء شعار شعره ، وروضة علمه الغناء قد لت أنوار نوره ، وزواهر زهره ؛ فالزمان لا يعدو عليه بزمانةٍ تعدو ، ولا يتجاوز أوقاته إلا موسوعةً بمحاسنه ولا يعدو ؛ حتى يمت إليه عدو ؟ يلتفت أمس ، ويروى اليوم أن قرابته من فضله أمس ؛ والله يعلم أنني لأرى له ولا أرى فيه ، وأسد عنه كل خرقٍ تعجز عنه يد رافيه ؛ ضنا بالصدور أن تخلو من صدرٍ كقلبها ، ومحاماةً عن حقوق تقدمته التي أوجبها أن تعارض بسلبها .
ومن آخر : وصل كتاب الحضرة فجعل مستقره النعمة في الصدور ، وأخرجتني ظلمات خطه إلى نور السرور ؛ ووقفت وكأني واقف على طللٍ من الأحبة قد بكى عليه السحاب بطله ، وابتسم له الروض عن أخبار أهله وآثار منهله ؛ فلم أزل