كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 44 """"""
أشرف الموارد وأعذب الشرائع آخذةً بآفاق سماء الشرف فلها قمراها والنجوم الطوالع ، قاطعةً أطماع الآمال عن إدراك فضله وما زالت تقطع أعناق الرجال المطامع ، صارفةً عن جلاله مكاره الأيام صرفا لا تعتوره القواطع ، ولا تعترضه الموانع ؛ وينهى ورود عذرائه التي " لها الشمس خدنٌ والنجوم ولائد " وحسنائه التي " لها الدر لفظٌ والدراري قلائد " ومشرفته التي " لها من براهين البيان شواهد " وكريمته التي " لها الفضل وردٌ والمعالي موائد " ووديعته التي " لها بين أحشائي وقلبي معاهد " وآيته الكبرى التي دل فضلها . . . على أن من لم يشهد الفضل جاحد
وأنك سيفٌ سله الله للهدى . . . وليس لسيفٍ سله الله غامد
فلمثلها يحسن صوغ السوار ، ولفضلها يقال : " أناةً أيها الفلك المدار " وإنها في العلم أصل فرعٍ نابت ، والأصل علة النشأة والقرار ، وفرع أصلٍ ثابت ، والفرع فيه الورق والثمار ؛ هذه التي وقفت قرائح الفضلاء على استحسانها ، وأوقفتني على قدم التعبد لإحسانها ، وأيقنت أن مفترق الفضائل مجتمعٌ في إنسانها ، وكنت أعلم علمها بالحكام الشرعية فإذا هي في النثر ابن مقفعها ، وفي القصائد أخو حسانها ؛ هذه وأبيك أم الرسائل المبتكره ، وبنت الأفكار التي هذبتها الآداب فهي في سهل الإيجاز البرزة وفي صون الإعجاز المخدره ، والمليئة ببدائع البدائه ، فمتى تقاضاها متقاضٍ لم تقل : " فنظرةٌ إلى ميسرةٍ " ؛ والبديعة التي لم توجه إليها الآمال فكرها لاستحالة غير مسبوقٍ بالشعور ، ولم تسم إليها مقل الخواطر لعدم الإحاطة بغيب الصدور قبل

الصفحة 44