كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 45 """"""
الصدور ، والبديهة التي فصل البيان كلماتها تفصيل الدرر بالشذور ؛ إن كلمها ليميس في صدورها وأعجازها ، ويختال في سطورها وإعجازها ، وتنثال عليها أغراض المعاني بين إسهابها وإيجازها ؛ فهي فرائد ائتلفت من أفكار الوائلى والإيادي ، وقلائد انتظمت انتظام الدراري ، ولطائم فضت عن العنبر الشحري والمسك الداري ؛ لا جرم أن غواصي الفضائل ظلوا في غمراتها خائضين ، وفرسان الكلام أضحوا في حلباتها راكضين ، وأبناء البيان تليت عليهم آياتها " فظلت أعناقهم لها خاضعين " .
ما إن لها في الفضل مثلٌ كائنٌ . . . وبيانها أحلى البيان وأمثل
فالعجز عنها معجزٌ متيقنٌ . . . ونبيها بالفضل فينا مرسل
ما ذاك إلا أن ما يأتي به . . . وحى الكلام على اليراعة ينزل
بزغت شمساً لا ترضى غير صدره فلكا ، وانقادت معانيها طاعةً لا تختار سواه ملكا ، وانتبذت بالعراء فلا تخشى إدراك الإنكار ولا تخاف دركا ، وندت شواردها فلا تقتنصها الخواطر ولو نصبت هدب الجفون شركا
فللأصائل في عليائها سمرٌ . . . إن الحديث عن العلياء أسمار
وللبصائر هادٍ من فضائلها . . . يهدى أولي الفضل إن ضلوا وإن جاروا

الصفحة 45