كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 46 """"""
بادي الإبانة لا يخفى على أحد . . . كأنه علمٌ في رأسه نار
أعجب بها من كلمٍ جاءت كغمام الظلال على سماء الأنهار وسرت كعليل النسيم عن أندية الأسحار ، وجليت محاسنها كلؤلؤ الطل على خدود الأزهار ، وتجلت كوجنة الحسناء في فلك الأزرار ، وأهدت نفحة الروض متأود الغصن بليل الإزار ، فأحيتنا بذلك النفس المعطار ، وحيتنا بأحسن من كأسي لمىً وعقار ، وآسى ريحانٍ وعذار ؛ ولؤلؤي حبيبٍ وثغر ، وعقيقى شفةٍ وخمر ، وربيعي زهرٍ ونهر ، وبديعي نظمٍ ونثر ؛ ولم أدر ما هي أثغور ولائد ؟ أم شذوذ قلائد ؛ أم توريد خدود ، أم هيف قدود ؛ أم نهور صدور ، أم عقود نحور ؛ أم بدورٌ ائتلفت في أضوائها ، أم شموسٌ أشرقت في سمائها ؟
جمعن شتيت الحسن من كل وجهة . . . فحيرن أفكاري وشيبن مفرقي
وغازلها قلبي بود ؟ محققٍ . . . وواصلها ذكرى بحمدٍ مصدق
وما كنت عشاقا لذات محاسنٍ . . . ولكن من يبصر جفونك يعشق
ولم أدر والألفاظ منها شريفةٌ . . . إلى البدر تسمو أم إلى الشمس ترتقي
إنما هي جملة إحسان يلقي الله الروح من أمره على قلبها ، أو روضة بيان " تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها " ؛ أو ذات فضلٍ اشتملت على ذوات الفضائل ، وجنت ثمر العلوم فأجنتها بالضحى والأصائل ؛ أو نفسٌ زكت في صنيعها ، ونفث روح القدس في روعها ؛ فسلكت سبل البيان ذللا ، وعدمت مماثلا فأضحت في أبناء المعالي مثلا ؛ وسرت إلى حوز الأماني والأنام نيام ، فوهب لها واهب النعم أشرف الأقسام ؛ فجادت في الإنفاق ، ولم تمسك خشية إملاق ، وقيدت نفسها في طلق الطاعة

الصفحة 46