كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
والحواس ؛ كالورد والشقيق ، والقهرمان والعقيق ؛ تماثلا في الجواهر والأعراض ، وتغايرا في تمييز الأغراض ؛ فسيدنا من كل جنسٍ رئيسه ، ومن كل جوهرٍ نفيسه ؛ وأما حسناء المملوك على مذهبهم في تسمية القبيح بالحسن ، والحسن بالقبيح ، والضرير بالبصير والأخرس بالفصيح ؛ فما صدت ولا صدت يمنى كاسها . ولا شذت في مذهب ولائه عن اطراد قياسها ، ولا زوت عن وجه جلالته وجه إيناسها ، ولا جهلت أنه في العلوم الشرعية ابن أنسها ، وفي المعاني الأدبية أبو نواسها ؛ ولا خفي عنها أن سيدنا مجرى اليمين ، وفي وجه السيادة إنسان المقلة وغرة الجبين ، والدرة في تاج الجلالة والشذرة في العقد الثمين ؛ وأنه الصدر الذي يأرز العلم إلى صدره ، وتقترح عقائل المعاني من فكره ، وتأتم الهداة ببدره ، وتنتمي الهداية إلى سره ، وإنها في الإيمان بمحمديته أم عمارة لا أم عمره ؛ وإنه غاية فخارها ؛ ونهاية إيثارها ، وآية نهارها ومستوطن إفادتها بين شموس فضائله وأقمارها ؛ فكيف تصد وفيه كلية أعراضها ، ومنه علية جملتها وأبعاضها ، وفي محله قامت حقائق جواهرها وأعراضها ؛ لكنها توارت بالحجاب ، ولاذت بالاحتجاب ؛ وقربٍ بالمجلس الكمالي ليكمل ما بها من نقص كمالٍ وكمال عيب ، وتجمع بين حقيقتي إيمان الشهادة والغيب ، وتعرض على الرأي التقوى سليمة الصدر نقية الجيب ، وأشهد أنها جاءت تمشي على استحياءٍ وليست كبنت شعيب ؛ هذا ولم تشاهد وجه حسنائه ، ولا

الصفحة 49