كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 5 """"""
تخلو من خساره ؛ والله تعالى يجمع كلمة المسلمين على يد سلطاننا ، ولا يخلينا منه ومن بنيه حلى زماننا ، وشنوف إيماننا ، ويسعدنا من أكابرهم بتيجان رؤوسنا ، ومن أصاغرهم بخواتم أيماننا ؛ ولو تفرغت العزمة الفلانية لهذا الكلب العدو فترجم كلبه ، وتكف غربه ؛ وتذيقه وبال أمره ، وتطفئ شرار شره ، وتتعجل له عاقبة خسره ؛ فقد غاظ المسلمين وعضهم ، وفل جموعهم وفضتهم ؛ وما وجد من يكفى فيه ويكفه ، ويشفى الغليل منه بما يشفه ؛ ولو جعل السلطان - عز نصره - غزو هذا الطاغية مغزاه ، وبلاده مستقر عسكره ومثواه ، لأخذ الله الكافر بطغواه ؛ ولأبقى ذكرا ، وأجرى في الصحيفة أجرا ؛ ولأطفأ الحقد الواقد ، بالحديد البارد ، وغنم المغنم البارد ، وسدد الله ذلك العزم الصادر والسهم الصادر ؛ فلا بد أن يجري سيدنا هذا الذكر ، ولو لما أحتسبه أنا من الأجر ؛ وما أورده المجلس عن فلانٍ من صفو شربه ، وأمن سربه ؛ واستقراره تحت الظل الظليل السلطاني - جعله الله ساكنا ، وأحله منه حرما آمنا - ومن معافاته في نفسه وولده وجماعته ، وأهل ولائه وولايته ، فقد شكت له هذه البشرى ، وفرحت بما يسر الله ذلك المولى له من اليسرى ؛ غير أني أريد أن أسمع أخباره منه لا عنه وبمباشرته لا باستنابته ، فلا عرفت مودته من المودات الكسالى ، ولا أقلامه إلا بلبس السواد - على أنها مسرورةٌ سارةٌ لا ثكالى ؛ وإذا قنع صديقه منه بفريضة حجية ، لا تؤدى إلا في ساعة حوليه ، فإن يبخل بها ذلك الكريم فقد انتحل الاسم الآخر - أعاذه الله منه ، وصرف عنه لفظه كما صرف معناه عنه ؛ وللمودة عينٌ لا يكحلها إذا رمدت إلا إثمد مداد الصديق ، وما في الصبر وسعٌ لصحبة أيام العقوق بعد صحبة أيام العقيق ، وقد بلغني أن ولد المذكور نزع وترعرع ، ونفع وأينع ؛ وخدم في المجلس السلطاني ، فسررت بأن تجمع في خدمته الأعقاب والذراري ؛ والله تعالى يحفظ علينا تلك الخدمة جميعا ، ولا يعدمنا من يدها سحابا ولا من جنابها ربيعا ؛ وقد فتح سيدنا بابا من الأنس ونهجه ، وأوثر

الصفحة 5