كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 55 """"""
ولما صدقت عزائم المملكة التي نظم الله قلادة ملكها فليس لها انتثار ، ولمعت كواكب اسلها في ليل الرهج وسماء الغبار ، وبنت حوافر خيلها سورا من متراكم النقع المثار ، وحصنتها يد الله بما أظهرته من كامن الغيب وأخفته من طلائع الأقدار ، وحضنتها رعاية الله وله من القدر أعوانٌ ومن الملائكة أنصار
فعمت عموم الليل والليل مظلمٌ . . . وجاءت مجيء الصبح والصبح مشرق
ومدت غماما من سنابك خيلها . . . بسل المواضي المشرفيات يبرق
في كتائب إذا سارت سوابقها ملأت عرض الغبراء ، وإذا نشرت خوافقها سترت وجه الخضراء ؛ وكادت تذعر الآساد بمواضي حتوفها ، وتسكن المنايا تحت ظلال سيوفها ؛ لا سيما إذا أنجمت أنجم عواليها ، ولمعت بروق مواضيها ؛ وجاءت خيلها كالصخر الأصم والطود الأشم أعجازها وهواديها ؛ من كل كميتٍ حلوٍ في الإزار ، بين الشقرة والاحمرار ، كأنه وردية العقار
يحس وقع الرزايا وهي نازلةٌ . . . فينهب الجري نفس الحادث المكر
وكل أشقر كأنما قد أديمه من لهب النار ، معارٍ رداء الحسن ، وأحق الخيل بالركض المعار ، لا تعلق به المذاكي يوم رهان ولا تشق له الحوادث وجه