كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 59 """"""
الثمام وحبل الذراع ؛ وعنايةٌ جاءت على اختيار المراد ومراد الاختيار ، ونعمةٌ كرت هي والتوفيق في قرنٍ وجرت والسعادة في مضمار ، ومنحةٌ ركضت بها إلى المقام المعزى سوابق الأقدار ومعنىً خفي ؟ من نعم الله لم تلجه عقائل الأفكار ؛ وإذا سبقت عناية الله فليس لأمر حتمه الله رافع ، وإذا لحظت السعادة امرأ وقفت دونه آمال المطالب وتقطعت خلفه أعناق المطامع ، واستولت يمينه على آفاق سماء الشرف فلها قمرها والنجوم الطوالع ، وهذه مواهب لا تدركها دقائق الأسطرلاب ولا درج الشمس ولا رصد الطوالع
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصا . . . ولا زاجرات الطير ما الله صانع . وينهي أن حاملها من عقدت عليه الملوك خناصرها ، واختص منها بالصحبة ناصرها ؛ وله فضلٌ لا يذاد عن منهل العلم سوامه ، ولا تجهل في مسالك الشرف أعلامه ؛ وله نفسٌ سمت حتى أخذت سماء السيادة بيمينها ، وهمةٌ إذا رأيت ذاتها الكريمة توسمت الرياسة في جبينها ، وأبوةٌ لا تتجر من المعالي إلا في ثمنها ؛ وقد أكلته السنة بل السنوات ، وترادفت عليه الملمات بل المؤلمات ؛ وقد صير الجناب الزيني لما يحاوله ذريعه ، وورد المنهل الرحب وإنه لعذب الشريعه ، وقد أصاب به مولانا طريق المصنع فألبسه ثياب الصنيعه ؛ ومولانا أولى من أولاه شرف جلاله ونظر إليه بعينٍ كريمةٍ يقابل بها ما يقابله من كرم خلاله ؛ فالإبريز قد يشتبه إلا على نقاده ، والغيث قد يخلف إلا على رواده ، والماء قد يأجن إلا على وراده ؛ وسيدنا

الصفحة 59