كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
ألا يرتجه ؛ بمكاتباته التي يده فيها بيضاء ، ويد الأيام عندي خضراء ؛ بحيث لا يستوفى على الحساب ، في كل جواب ؛ وأنا في هذه الأحوال أوثر العزلة وأبدأ فيها بلساني وقلمي ، وأتوخى أن أشبه حالة وجودي بعدمي ؛ فإني أرى من تحتها أروح ممن فوقها ، ومن خرج منها أحظى ممن أقام بها ؛ وللمودات مقر ؟ ما هو إلا الألسنة ، والقلوب قضاةٌ لا تحتاج إلى بينه . وكتب جواباً أيضاً إلى آخر وهو : وقفت على كتاب الحضرة - يسر الله مطالبها وجمل عواقبها ، وصفى من الأكدار مشاربها ، وحاط من غير الأيام جوانبها ، ووسع في الخيرات سبلها ومذاهبها ؛ ووقاها ووقى ولدها ، وأسعدها واسعد يومها وغدها ؛ وجمع الشمل بها قريبا ، وأحدث لها في كل حادثةٍ صنعا غريبا - من يد الحضرة الفلانية - لا عدمت يدها ومدها ، وأدام الله سعدها - وشكرت الله على ما دل عليه هذا الكتاب من سلامة حوزتها ، ودوام نعمتها ؛ وسبوغ كفايتها ؛ وسألته سبحانه أن يصح جسمها ، ويميط همي وهمها ؛ فهما همان لا يتعلقان إلا بخدمة المخدوم - أجازنا الله فيه من كل هم ، وأجرى بتخصيصه السعد الأعتم ، واللطف الأتم - وعرفت ما أنعمت بذكره من المتجددات بحضرته ، ومن الأمور الدالة على سعادته وقوته ؛ وللأمور أوائل وأواخر ، وموارد ومصادر ؛ فنسأل الله سبحانه أن يجعل العواقب لكم ، والمصادر إليكم ، والنعمة عندكم ، والنصرة خاصةً بسلطانكم ، والكفاية مكتنفةً بجماعتكم ؛ وقد قاربت الأمور بمشيئة الله أن تسفر وجوهها ، والخواطر أن يستروح مشدوهها ، " إن الله لذو فضل على الناس " وفي كل أقدار الله الخيرة ، وفي حكمته أنه جعل الخيرة محجوبةً تحت أستار الأقدار ؛ وقد علم الله تقسم فكري لما هي عليه من المشقات المحمولة بالقلب والجسد ، والأمور الحاضرة في اليوم والمستقبلة في غد ؛ وهي في جانب الخير ، والخير يعم الوكيل لصاحبه ، ومن أصلح جانبه مع الله كان الله جديراً بإصلاح جانبه .

الصفحة 6