كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 70 """"""
هار ؛ وثوب داعى العصر وحيعل ، وعاين نير الفلك في وجه السماء كعين الأقبل ؛ ثنى عنانه إلى مثوى قراره ، وانثنى يسابق أدهم ليله بأشهب نهاره ؛ على الرغم أخفق مسعاه ، ولم يقل قلبه الشوق الذي دعاه ؛ لكن سار وأقام خالص ولائه وعاد بعد ما أودع الحفظة مرفوع دعائه ؛ لكن سار وأقام خالص ولائه وعاد بعد ما أودع الحفظة مرفوع دعائه ؛ فعرف الله مولانا بركات هذا الشهر الذي سارت به إلى إحسانه مطايا أيامه ، وجعله مثبتا لحسناته ممحيا لآثامه ، وحلاه بالمقبول من صيامه والمشهور من قيامه ؛ وأراه صدر بره أثلج ، ووجه بدره أبلج ، وثغر ابتسامه عن رضوان القبول أفلج ؛ ورقاه درج تضاعف حسناته ، ولقاه من كرم الله مذخور إحسانه وموعود هباته ؛ وأراه الأمل في بنيه ؛ وأرانا فيهم ما رأينا فيه ؛ فهو غاب العلم وهم أغصانه وشجره ، ومطهم السابقين وهم حجوله وغرره ؛ وإني لألمح من مخايل شرفهم وشرف مخايلهم ، وشمائل شيمهم وشيم شمائلهم ؛ نجابةً تضعهم من الرياسة في أنفها ، ومن السيادة بمكان شنفها ؛ فهم جذوة فضلٍ مبرقه ، ودوحة علمٍ مورقه ونبعة سيادةٍ معرقه ، وشموس معالٍ في أفق كل شرف مشرقه ؛ سمت بهم أصالة النسب ، وفضيلة الأدب المكتسب ، وجمعوا بين شرف العمومة والخؤولة في كرم المنتسب ؛ فللعلا ألسنٌ تثنى محامدها على الحميد من فعلهم وشيمهم ، وللندى مواهب عزيت مذاهبها إلى العليين من كرمهم وهممهم ؛ لا زالت محاسنهم قلائد الأجياد وأيامهم مواسم الأعياد ، وحرمهم المخصب بالمكارم سواء العاكف فيه والباد ؛ إن شاء الله تعالى .
وكتب إلى القاضي شمس الدين الأصبهاني الحاكم - وكان بالأعمال القوصية - رحمهما الله تعالى - :

الصفحة 70