كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 73 """"""
ثم سار وقلبي يتبعه ، ودمعه يشيعه ، ولساني يستحفظه الله ويستودعه ؛ وعليه من الديون ما أحاط به إحاطة الجفون بمقلها ، والأغماد بمنصلها ؛ لتوالي هذه المغارم التي طم جداها ، والمظالم التي عم رداها ، والمحنة التي ملكتني يداها ؛ من خراج طمى بحر ظلمه ، وزاد على حد الجور رسمه وخصصت من بين هذا العالم بوسمه ؛ للزومٍ قام بوصفي فتبعه لازمه ومعنىً وجب لذاتي فاستحال عدمه ؛ وقد كان المملوك وولده فيما سلف يجودان بما يجدان لقانع ومعتر ، وغني ؟ ومضطر ؛ صيانةً للأعراض من أعراض اللوم ، ورغبةً في صلة حمد الأمس بفائد اليوم ؛ وسجية نفس تأنف من علاقة الذم ؛ وإن كان هذا فيما لا يجب فالقياس فيما يجب انبعاث النفس إليه من حتم المروءة أمضى ، والدين بأداء الواجب أقضى ؛ لأنه مؤيد بإبرام الشرع ، وقد صح هذا القياس بجامعية الأصل والفرع ؛ لكن ضاقت يد القدرة عن نفاذها ، واعتاضت من وابل الثروة برذاذها ؛ وإذا توافرت القرائن أفادت فوق ما تفيد غلبات الظنون من مدار الشرعيات عليها ، وانتهاء غالب الأحكام إليها ؛ وقد كان المملوك حرك عزائم سيدنا قاضي القضاة - شرف الله قدره ، وأدام على الإسلام أمره - إلى تحريها العلوم الكريمة بما هي عالمه ، وحكمها بما هي حاكمه ؛ ليكون له مستند يدفع أقوال المتعرضين ، ويصرف اعتراض المعترضين ؛ ولئلا يقف له واقف فيجري قلمه الشريف بأمرٍ جازمٍ يجب الوقوف على مثاله ، والمسارعة إلى امتثاله ؛ فيعز استدراك الأمر بعد إحكامه ، ويكون السعي في معارضته كالنقض لأحكامه ؛ فكتب بما يقف عنده ، ولا يتجاوز حده ؛ غير ذاكرٍ عن مولانا منعا ينفر عنه الرواه ، ولا مشنع بكتاب سيدنا قاضي القضاه ؛ بل يكون كالشافع ، إذا صمم الخصم اعتذر بما هو لهذه المصالح