كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 77 """"""
جرم أنها والحمد لله تعالى ساعيةٌ لآمالي متى استسعيتها ، وصدى صوتي متى دعوتها وفاتحة كتاب المحامد متى تلوتها ؛ وأعيذها بالله أن تنكب عن قضائها ، أو تقف دون غاية انقضائها ؛ وإنها لأورق فرعا من أفنان السلمه ، وأعرق أصلا في الوفاء من أصل السلمه ، وأرشق سهما في كنانة سلمه ، وأوثق في حفاظ المودة من ابن شبرمه ؛ يقينً أحطت بأنبائه ، إحاطة رسول ابن داود يوم إنبائه ؛ فلا شك في شرف نفسها وسمو نجمها ووضوح شمسها ، وزيادة يومها في الوفاء على أمسها ، كما لا تشك الإيادية في فصاحة قسها ، ولا العامرية في علاقة قيسها ؛ وقد توجه إليه حاملها لحمل السهام التي أسهمت له من الموالاة أوفر أقسامها ، ونشرت رداء ذكره على أفئدة قلوبها وألسنة أقلامها ؛ عند اشتداد الحاجة إليها ، وجر ثقل السواقي عليها ؛ وحركة الحر التي حلت شمسه برج حملها ، وتوالت جيوش جنوده بين صدور ظباها وأطراف أسلها ؛ تجفف أنداء الثرى ، وتعيد عنبر الأرض عثيرا ، وتشيب مفارق نباتها ، وتذيق الممات أكباد حباتها ؛ فاستنصر العزائم العالية المولوية الشرفية في إطفاء لهبه ، واقتضينا إعانته قبل انتضاء قضبه ، وبعثنا لمحل الهمة الشرفية قبل سطوته على قضبه وقصبه ؛ لتجري على صفحة الثرى مستفيضه ، وتجنى ثمرات رياضها من أنداء همته أريضه ؛ وتغازل مقل النفوس لحظات أزهارها ، وتفتن أفنان

الصفحة 77