كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)
"""""" صفحة رقم 79 """"""
وترامت بها مدة القدم ، كأنها في حيز العدم ؛ صلاب المكاسر ، غلاظ المآزر ؛ تشبه أخلاقه في هيجاء السلم ، وتحكي صلابة آرائه في نفاذ الرأي ومضاء العزم ؛ تكظم على الماء بقبضها ، فتجود على الأرض بفيضها ؛ تمد يد أيدها في اقتضاء إرادتها ، وتطلع طلوع الأنجم في فلك إرادتها ؛ وتعانق أخواتها معانقة التشييع ؛ فآخر التسليم أول التوديع ؛ على أنها تؤذن بحقائق الاعتبار ، وتجري جري الفلك المدار في فناء الأعمار تمر كأنفاس الفتى في حياته . . . وتسعى كسعي المرء أثناء عمره
يفارق خل ؟ خله وهو سائرٌ . . . على مثل حال الخل في إثر سيره
ويعلمه التداور لو يعقل الفتى . . . بأن مرور العمر فيه كمره
فمن أدركت أفكاره سر أمرها . . . فقد أدركت أفكاره سر أمره
ومن فاته الإدراك أدركه الردى . . . إذا جرعت أنفاسه كأس مره
هذه آخر خطوات القلم ، ومنتهى خطرات الكلم ؛ فقم في سرعة وصولها وتعجيل رسولها
بعزمٍ غدا ينسى لمروان عزمه . . . براهط إذ جاشت عليه القبائل
غير معتمد عليه ، ولا مفوضٍ أمراً إليه ؛ فلم أعتمد عليه اعتماد الصوفه ، وإنما هو العماد عند أهل الكوفة ؛ وإنما هو حمار سير ، وذنب طير ؛ يحمل ورقة مطويةً عن علمه ، مزويةً عن فهمه ؛ كما يحمل الزند الشرار إلى العظم والله تعالى يحله من السعادة أشرف آفاقها ، ويحرسه في طفل الشمس وإشراقها