كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
لديه مجموع ، ومنه وعنه مروى ؟ ومسموع ؛ وذخائر الملوك هم الرجال ، وآراء الحزماء هي النصال ، ومودات القلوب هي الأموال ، ومجالس آرائهم هي المعركة الأولى التي هي ربما أغنت عن معارك القتال ؛ والله تعالى يمد المسلمين به حال تجمعهم على جهاد الكفار ، ويلهمهم أن يبذلوا في سبيله النفس والسيف والدرهم والدينار ؛ ويزيل ما في طريق المصالح من الموانع ، ويفطم السيوف عن الدماء الإسلامية ويحرم عليها المراضع ؛ ويجعل للمجلس في ذلك اليد العليا ، والطريقة المثلى ، ويجمع له بين خيري الآخرة والأولى ؛ والأحوال هاهنا بمصر مع بعد سلطانها وتمادي غيبته عن مباشرة شانها ؛ على ما لم يشهد مثله في أوقات السكون فكيف في أوقات القلق ، على من يحفظ الله به في البلاد من الجموع ومن في الطرقات من الرفق ؛ والأمير الولد صحيحٌ في جسمه وعزمه ، متصرفٌ في مصالحه على عادته ورسمه ؛ جعله الله نعم الخلف المسعود ، وأمتعه بظل المجلس الممدود ، في العمر المدود ؛ وعرف الخادم أن المجلس ناب عنه مرةً بعد مرةٍ بمجلس فلان يشكر على ما سلف من ذلك المناب ، ويستزيد ما يستأنفه من الخطاب ؛ والبيت الكريم أنا في ولائه وخدمته كما قيل : إن قلبي لكم لكالكبد الحرى وقلبي لغيركم كالقلوب يسرني أن يمد الله ظلهم ، وأن يجمع الله شملهم ؛ كما يسوءني أن تختلف آرائهم ولا تنتظم أهواؤهم ؛ وهذا المولى يبلغني أنه سد وساد ، وجد وجاد ، وخلف من سلف من كرام هذا البيت من الآباء والأجداد ؛ واشتهرت حسن رعايته لمن جعله الله من الرعايا وديعه ، وحسن عنايته بمن جعله الله له من الأجناد شيعه ؛ وإذ بلغني ذلك سررت له ولابنه ولجده ، وعلمت أنه لم يمت من خلفه لإحياء مجده ؛ ومن استعمله بحسنٍ فقد أراد الله به حسنا ، ومن أحسن إلى خلق الله كان الله له محسنا ؛ إن الله أكرم الأكرمين ، وأعدل العادلين ؛ وكتب المجلس السامي ينعم بها متى خف أمرها ، وتيسر حملها ، وتفرغ وقته لها ؛ والثقة حاصلةٌ بالحاصل من قلبه ، وعاذرة وشاكرةٌ في المبطئ والمسرع من كتبه ؛ ورأيه الموفق إن شاء الله تعالى .

الصفحة 8