كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
وكتب : ورد كتاب الحضرة السامية - أحسن الله لها المعونه ، ويسر لها العواقب المأمونه ، وأنجدها على حرب الفئة الكافرة الملعونه - بخبر خروج الخارج من قلعة كذا ، وما صرح به من الخوف الذي ملأ الصدور ، والاستحثاث في مسير العسكر المنصور ؛ وكل ضيقةٍ وردت على القلوب ففزعت فيها إلى ربها فرجت فرجه وأذكى لها اليقين سرجه ؛ ولم تشرك معه غيره مستعانا ، ولم تدع معه من خلقه إنسانا ؛ فما الضيقة وإن كانت منذورةً إلا مبشره ، والخطة وإن كانت وعرةً إلا ميسره ؛ لا جرم أن هذا الكتاب أعقبه وصول خبر نهضة فلان - نصر الله نهضاته ، وأدى عنه مفترضاته - فاستنهض العساكر ، وقوتل العدو الكافر ؛ فنفس ذلك الخناق ، وتماسكت الأرماق ؛ وما أحسب أن الأمر يتمادى مع القوم ، بل أقول : لا كرب على الإسلام بعد اليوم ؛ تتوافى بمشيئة الله ولاة الأطراف ، ويزول من نفس العدو وسمعه ما استشعره بين المسلمين من الخلاف ؛ ويجتمعون إن شاء الله على عدوهم ، ويذهب الله بأهل دينه ما كان من فساد أعدائه في أرضه وعلوهم ؛ وقد شمعنا رائحة الهدنة بطلب الرسول ، وبخبر هلاك ملك الألمان الذي هو بسيف الله مقتول ، والموت سيف الله على الرقاب مسلول . ومنها : فأما ما أشار إليه من القلاع التي شحنها ، والحصون التي حصنها ؛ والأسلحة التي نقلها إليها ، والأقوات التي ملأ بها عيون مقاتليها وأيديها ؛ فإن الله يمن عليه بأن يسره لهذه الطاعه ، ورزقه لها الاستطاعه ؛ فكم رزق الله عبداً رزقاً حرمه منه وفتح عليه باباً من الخير وصرفه عنه ؛ لا جرم أنه وفى قوماً أجرهم بغير حساب ، ووقف قوماً بموقف مناقشة الحساب ، الذي المصرف عنه إلى ما بعده من العذاب ؛ الآن والله ملك الملك العادل ماله الذي أنفقه ، وأودعه لخير مستودعٍ من الذي رزقه ؛ وشتان بين الهمم : همة ملكٍ ذخر ماله في رؤوس القلاع لتحصين الأموال ، وهمة ملك أودع ماله في أيدي المقاتلة لتحصين القلاع
يبني الرجال وغيره يبني القرى . . . شتان بين مزارعٍ ورجال

الصفحة 9