كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 8)

"""""" صفحة رقم 96 """"""
الدرر ، ولا برح القدر يوافق قصوده فيقول للقدر : " لقد جئت على قدر " . وأتم نعمته عليه كما أتمها ، وعمر بعدله الآفاق وعمها ، وأوضح مناهج كرمه لمن قصدها وأمها ، وأنجز عداته في عداته فأصماها وأصمها . وأتم نعمته عليه كما أتمها على أبويه من قبله ، وحمى حمى الدين بنصره وفضله ، وكسا الدنيا بملكه حلة فخار معلمةً بإحسانه وعدله ، وجعل أقاليم الأرض معمورةً بسلطانه مغمورةً بعطائه وبذله .
ذكر شيء من إنشاء المولى الماجد
السالك من طريقي الفضل والفضائل أوضح الطرق وأنهج المسالك ، المفصح بلسان براعته والموضح بأنوار بلاغته ما أبهم واستبهم من ليل العي الحالك ، المتصرف بقلمه وكلمه لوثوق ملوك الإسلام بديانته وأمانته وأصالته ونزاهته في الأقاليم والثغور والحصون والممالك ، العامر بفضله وفضائله والغامر بجوده ونائله باطن وظاهر من أمله وأم له من زائرٍ وقاطنٍ ومار ؟ وسالك ؛ فينفصل هذا بابه وهو بجوده مغمور ، وهذا عن مجلسه وقلبه بولائه لما أولاه من إحسانه معمور ؛ وهذا وهو ينفق الجمل من ماله ، وذاك وهو يجود على المعدم من فضل نواله ؛ والآخر وقد امتلأ صدره سرورا ، وأشرق وجهه بهجةً ونورا ؛ وانطلق لسانه من عقاله بعد تقييده ، وانبسط أمله لطلب الفضائل لما ظفر بمعدنها بعد تعقيده ؛ فتجده وقد اعتلق منه جملا واعتنق جمالا ، وأنفق الدرر بعد ضنه بالأصداف فهو لا يخشى عدما ولا يخاف إقلالا ؛ والمولى المعنى بهذه المعالي التي ابتسمت ثغورها ، وتحلت نحورها ؛ والمكارم التي جادت سحائبها وامتدت مذانبها ، وترادفت مواهبها ، واتسعت مذاهبها ؛ والفضائل التي لجنابه الكريم تعزى ولفضله العميم تنتسب ، والسيادة التي شادها لنفسه لاستغنائه عما مهدته له آباؤه النجب ، والمراد

الصفحة 96