كتاب فتاوى ومسائل (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الرابع)

الذي استدل به مَن جوّزه، وهو قوله للعباس: " هي علي، ومثلها معها "؟ وقوله: " الماهر بالقرآن 1 مع السفرة الكرام البررة. والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران "، هل المراد: حفظ حروفه، ويحصل الفضل بذلك أم لا؟ والحفظ مع فهم المعاني؟ وما معنى المشقة والتعاهد؟ وما معنى قوله: 2 " طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة " 3. أفتونا مأجورين.
فأجاب، رحمه الله: اعلم - أرشدك الله -: أن الله سبحانه وتعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى الذي هو: العلم النافع، ودين الحق الذي هو: العمل الصالح؛ إذا كان من ينتسب إلى الدين: منهم من يتعانى بالعلم والفقه ويقول 4 به كالفقهاء، ومنهم من يتعانى العبادة وطلب الآخرة كالصوفية، فبعث الله نبيه بهذا الدين الجامع للنوعين.
ومن أعظم ما امتن الله 5 به عليه وعلى أمته، أن أعطاه جوامع الكلم، فيذكر الله تعالى في كتابه كلمة واحدة تكون قاعدة جامعة يدخل تحتها من المسائل ما لا يحصى; وكذلك يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكلمة الجامعة. ومن فهم هذه المسألة فهمًا جيدًا، فهم قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} 6، وهذه الكلمة أيضاً من جوامع الكلم، إذ الكامل لا يحتاج إلى زيادة. فعلم منه بطلان كل محدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما أوصانا بقوله:
__________
1 في طبعة الأسد: (في القرآن) ، وكذا في طبعة أبا بطين.
2 في طبعة الأسد ساقطة.
3 مسلم: الأشربة (2059) , والترمذي: الأطعمة (1820) , وابن ماجة: الأطعمة (3254) , وأحمد (3/301, 3/315, 3/382) , والدارمي: الأطعمة (2044) .
4 في طبعتي الأسد وأبا بطين: (ويصول) ، بدلاً من (يقول) .
5 ساقطة من المخطوطة.
6 سورة المائدة آية: 3.

الصفحة 31