كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

قلت: هذا غفلة عما قاله الأئمة: إنه يجب الأمر بالمعروف وإن علم من المأمور أنه لا يمتثل، على أنه سيأتي عن السبكي، أن الملوك إنما تصعب مراجعتهم فيما يتعلق بملكهم دون [نحو] هذا، سيما وفيه توفير لأموالهم، وذلك محبب للنفوس، والشح مطاع.
وقد قال السيد السمهودي رحمه الله في فتاويه -بعد كلام ساقه يتعلق بأمر السلطان، في قضية شيء ظاهره يخالف الشرع-: ((وينبغي أن يصان أمر ولاة المسلمين عن مثل ذلك، بل هي محمولة على ما يسوغ شرعاً)). اهـ.
ولو تنزلنا ولم ننظر إلى ذلك كله، فالإنكار لم ينحصر في ذلك، بل من جملة حكمه بيان ذلك في كتبهم، وأنه منكر أو ممنوع مثلاً.
ولولا سبر السبكي لكتب الأئمة من لدن الوليد إلى وقته، فلم ير أحداً من العلماء تعرض لإنكار ما فعله الوليد بقول ولا قلم، لما استدل بما مر عنه، ولما ساغ له أن يقول: ((ولما عمل الوليد ذلك، كانت أئمة الإسلام والصالحون وسائر المسلمين، يحجون وينظرون ذلك ولا ينكرونه، على ممر الأعصار)). اهـ.
فهذا أعدل شاهد، وأوضح عاضد، على أن تقرير العلماء للملوك على

الصفحة 38