كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

من بدعة تطاول زمانها، ولا يقال: إن علماء عصرها أقروها رضىً بها، بل يحرم على كل أحد نسبتهم إلى ذلك.
ألا ترى أن في الكعبة منكرين فاحشين، قد تطاول الزمان عليهما؟ المنكر المسمى بالعروة الوثقى، والمنكر المسمى بسرة الدنيا، أنكرهما كثير من العلماء ولم يلتفت إليهم)). اهـ.
فإن قلت: يؤخذ من كلام هذا منازعة السبكي وغيره فيما قالوه، من الاستدلال بتقرير العلماء على فعل تلك الإصلاحات والرخام والتحلية؛ لأن الاحتمالات التي ذكرها بسكوت العلماء على بقاء الشاذروان على دون الذراع تأتي في ذلك.
قلت: ممنوع؛ لأن الإنكار يستدعي تقدم العلم بما قاله الأزرقي أنه كان ذراعاً، وهذا لا يأتي فيما نحن فيه.
سلمنا أنهم علموا، يحتمل أنهم ممن يرون صحة الطواف على الشاذروان، وإن سلمنا أنهم يعتقدون ذلك، هم قد أنكروه في كتبهم، وهذا كله لم يوجد منه شيء هنا، فدل سكوتهم على تلك الإصلاحات وعدم تعرضهم لإنكارها بلسان ولا قلم، على جوازها.
وقوله: ((وكم من بدعة .. )) إلخ، لا يأتي فيما نحن فيه أيضاً؛ لأن العلماء لم يبقوا شيئاً من البدع المنكرة إلا وقد ذكروا حكمه وبينوه، تلويحاً أو تصريحاً، فسكوتهم عن الإنكار عليه إنما هو لعجزهم.
وهنا: لو كان سكوتهم لعجزهم لبينوا ذلك في كتبهم، فتأمل ذلك حق التأمل؛ لتكون على جادة الصواب، وتظفر بتحقيقه؛ فإنه مما يستفاد

الصفحة 41