كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

وزعم أنه قد يريد بأحب: أوجب، -بتقدير تسليمه، وإلا فكتبه لا سيما ((مختصر المزني)) مع صغره مشحونة باستعماله ((أحب)) في المندوبات لا غير، كما هو وضعه- لا يرد على ابن هبيرة؛ لأن نص الإمام في حق مقلديه كنص الشارع في حق الأمة في كونه يحمل على معناه الحقيقي، ولا يجوز صرفه عنه إلا لدليل من كلامه أو قواعده قرر أهل الأصول دلالة مثله على الوجوب.
وزعم بعضهم أنه قد يريد به ((أوجب)) بقرينة، ليس في محله؛ لأن كلامنا في نص خلا عن القرينة، والتعليل بإذهاب الحرمة لا يدل على الوجوب؛ لأنه مشكوك فيه، لا يراعي مثله إلا من يقول برعاية المصالح المرسلة مطلقاً، ونحن لا نقول بذلك.
على أن قوله: ((ولذلك استحسنا .. .. )) إلخ، يرد توهم الوجوب.
وسيأتي قريباً عن المحب الطبري قوله: ((على أنا نقول: إنما كره مالك ..)) إلخ، [و] هو صريح واضح فيما ذكرته فتأمله.
وأما قول الشافعي رضي الله عنه في بعض المواضع: ((لا أحب كذا)) كقوله: ((لا أحب نقل الميت إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس))، فهو لا يقضي على ابن هبيرة؛ لأن ((لا أحب كذا)) قد يستعمله الشافعي فيما فعله محرم، وقد يستعمله فيما فعله مكروه.
ومن ثم اختلف أصحابه في هذه المسألة، فقال جماعة: يحرم النقل لغير الثلاثة، وقال آخرون: يكره.
ونظير هذا استعمال الشافعي رضي الله عنه: ((أكره كذا))؛ فإنه قد يستعمله في المكروه كراهة تنزيه، وقد يستعمله في الحرام.

الصفحة 47