كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

وبالجملة، ففي كلامه أوضح دليل على أن الإصلاح لا ينكر إذا وجد ما يقتضيه، وإنما ينكر إذا فعل بلا مقتضٍ يدعو إليه، كما فعله ذلك الجندي بحسب رأيه الفاسد، وهذا موافق [لما قدمته و] أفتيت به.
بل في كلامه أن ما فعل للتحسين -كالباب والميزاب- لا حرج فيه؛ فإنه حكاه وأقره، وكذا الرخام؛ فإن فيه تحسيناً وتزييناً، وقد مر أن السبكي استدل بتقرير السلف لفاعله على جوازه.
ثانيها: في بيان ما للكعبة:
الذي مر عن أصحابنا، أنه يتعين صرفه لها عمارةً وبخوراً وكسوةً ووقوداً ونحوها.
اعلم أن للكعبة مالاً مرصداً لها من زمن إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وسلم، وذلك أنه وإسماعيل صلى الله عليهما وسلم لما بنياها جعلا جباً فيها على يمين داخلها، فكان فيه ما يهدى لها من حلي وذهب وفضة وغيرها.
وكانت ليس لها سقف، فعدى على ذلك الجب قومٌ من جرهمٍ فسرقوا منه مرةً بعد أخرى، فبعث الله حيةً تحرسه، فسكنت في ذلك الجب أكثر من خمسمائة سنة تحرس ما فيه، فلا يدخله أحد إلا رفعت رأسها، وفتحت فاها، وكانت ربما تشرف على جدار الكعبة.
واستمر الحال على ذلك في زمن جرهم وزمن خزاعة، وصدراً من عصر

الصفحة 65