كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

للعذر الذي تضمنه حديث عائشة)). اهـ.
أي: فتركه صلى الله عليه وسلم إنما هو رعاية لقلوب قريش، كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم لذلك.
وأيده شيخ الإسلام -الحافظ ابن حجر- برواية مسلم في خبر عائشة رضي الله عنها: ((لولا [أن] قومك حديثو عهد بجاهلية .. .. )) الحديث، وفيه: ((ولأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض)).
قال: ((وعليه، فإنفاقه جائز، كما جاز لابن الزبير رضي الله عنهما بناؤها على قواعد إبراهيم؛ لزوال سبب الامتناع)). اهـ.
فإن قلت: هذا ينافي ما مر عن أصحابنا أنه لا يجوز صرف شيء من مال الكعبة الذي أهدي لها إلى شيء من المصالح الخارجة عنها، فما جوابهم عن ذلك؟
قلت: يمكن أن يجاب من جهتهم عن ذلك، بأن ترك أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وبقية الخلفاء الراشدين لأخذه وإنفاقه في سبيل الله تعالى، مع شدة احتياجهم إليه، ومع زوال ذلك المعنى الذي خشيه صلى الله عليه وسلم في حياته، وبعد موته، فيه أظهر دليل على أنهم علموا بنص أو قياس أن ذلك مستحق للكعبة فلا يصرف في غيرها، ويكون تركه صلى الله عليه وسلم لإنفاقه بعد زوال ذلك المعنى كالنسخ لما دل عليه خبر عائشة.

الصفحة 67