كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

ومما يدل على أن حكم ما أهدي للكعبة بعد الإسلام حكم كنزها في تعين صرفه لها دون غيرها، ما صح عن شقيق قال: ((بعث معي رجلٌ بدراهم هديةً إلى البيت، فدخلته، وشيبة -أي ابن عثمان- جالس على كرسي، فناولته إياها، فقال: ألك هذه؟ قلت: لا، ولو كانت لي لم آتك بها. قال: أما إن قلت ذلك، لقد جلس عمر بن الخطاب مجلسك الذي أنت فيه فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين، فقلت: ما أنت بفاعل، قال: ولم؟ قلت: لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى مكانه وأبو بكر -وهما أحوج منك إلى المال- ولم يخرجاه، فقام كما هو وخرج)).
قال الأزرقي: وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد في الجب الذي كان في الكعبة سبعين ألف أوقية من ذهب، مما كان يهدى للبيت، وأن علياً رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال: يا رسول الله، لو استعنت بهذا المال على حربك فلم يحركه، ثم ذكر لأبي بكر رضي الله عنه فلم يحركه.
وعن بعض الحجبة: أن ذلك المال بعينه كان موجوداً بالكعبة سنة ثمانٍ وثمانين ومائةٍ، ثم لم يدر حاله بعد.
وحكى الأزرقي عن مشيخة أهل مكة وبعض الحجبة: أن الحسن بن الحسين العلوي، عمد إلى خزانة الكعبة في سنة مائتين [في الفتنة]، حين أخذ

الصفحة 68