كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

فما زال يبني وهو قائم عليه وإسماعيل يناوله الحجارة والطين، حتى كمل الجدار.
ولين الله الحجر فغرقت فيه قدما إبراهيم كأنهما في طين، فذلك الأثر باقٍ إلى يوم القيامة، وقد نقلت كافة العرب ذلك في الجاهلية على مرور الأعصار، فما حفظ منازع فيه.
وما ذكر من أن إسماعيل كان يناوله الحجارة والطين، ينافيه ما مر أن إبراهيم لم يبنها بمدرٍ ولا قصةٍ، وإنما رضمها رضماً، ومن ثم أخذ منه بطلان ما على ألسنة العامة، أن الحفرة الموجودة الآن بين الحجر -بكسر أوله- وباب البيت كانت معجنةً للطين الذي بنى به إبراهيم.
وقد يجمع بأنه يحتمل أنه جعل الطين في أسفل جدارها؛ زيادةً في إحكامه، ثم رضم الباقي.
وأخذوا من قوله تعالى: {مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً} اللذين وقعا: تفسيراً لتلك الآيات، لكن الثاني ليس تفسيراً إضافياً، بل معنوياً، وكأنه قيل: وأمن داخله.
وفسر الجمع باثنين؛ لأنهما نوع منه كالثلاثة، أن الضمير في {فيه} وإن كان للبيت، لكن المراد الظرفية المجازية؛ لتعذر حملها على الحقيقة المستلزمة أن لا يذكر إلا ما كان دخل جدرانه، وجعلا مثالاً لما في الحرم من الآيات؛ لقيام

الصفحة 76