كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

الحارث لما وفد عليه في خلافته، فقال له عبد الملك: ما أظن أبا خبيب –يعني ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها، أي: وهو روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه لولا حدثان كفر قريشٍ وجاهليتهم وخوف الفتنة عليهم، لهدمها صلى الله عليه وسلم وردها إلى بناء إبراهيم، فجعل لها بابين لاطئين بالأرض، وأدخل فيها من الحجر ستة أو سبعة أذرع.
فقال الحارث لعبد الملك: بلى، أنا سمعت ذلك من عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الحارث مصدقاً لا يكذب، فقال عبد الملك: أنت سمعتها تقول ذلك؟ قال: نعم، فنكت ساعةً بعصاه، وأظهر له أن ما فعله ابن الزبير هو الصواب، وقال: وددت أني تركته وما عمل.
من ثم أراد هارون -أو أبوه أو جده- أن يهدم ما فعله الحجاج، وأن يعيدها إلى بناء ابن الزبير، لكن عارضه مالك رضي الله عنه، وقال له: نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت ملعبةً للملوك، لا يشاء أحدٌ منهم هدمه إلا نقضه وبناه، فتذهب هيبته من صدور الناس، وهو موافق لابن عباس رضي الله عنهما [في ذلك؛ لأنه قال ذلك بحروفه لابن الزبير]

الصفحة 85