كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

لما أراد هدمها.
ولما قال مالك للخليفة ذلك، ترك التعرض لها، واستمرت على ما هي عليه اليوم، وكان في ذلك أعظم احترام وأبلغ هيبةٍ، ببقاء البيت على حاله، وعدم تسور أحد عليه من الملوك وغيرهم بما يخالف ذلك.
وإنما الذي تسوروا عليه، هو إصلاح ما وقع فيه بقدر الحاجة لا غير، وتجديد ما لا يخل بحرمته، من إبدال بابه وميزابه وعتبته ونحوها، المرة بعد المرة.
فلله سبحانه الحمد على ذلك، بل في نفوس عامة المسلمين اليوم من عظمة الكعبة وجلالتها، ما قضى في هذه القضية السابقة في الخطية، فإنهم أرادوا رجم من يريد إصلاح شيء ضروري في سقفها، لولا دفع الله تعالى ذلك حتى أصلح ما في السقف من الاختلال، أعاذنا الله من كل فتنة ومحنة، بمنه وكرمه، آمين.
(تنبيه): عد العلماء من جملة الآيات البينات المذكورة في قوله تعالى: {فيه آياتٌ بيناتٌ} بقاءً بنائه الذي بناه ابن الزبير إلى الآن، ولا يبقى غيره هذه المدة الطويلة، على ما يذكره المهندسون؛ لأن الأرياح والأمطار إذا تواترت على مكانٍ خرب، والكعبة المعظمة ما زالت الرياح العاصفة والأمطار العظيمة تتوالى عليها منذ بنيت وإلى تاريخه، [و] لم يحدث بحمد الله تعالى تغيير في بنائها.
وروي أن الحجاج لما نصب المنجنيق على أبي قبيس بالحجارة والنيران، واشتعلت أستار الكعبة بالنار، جاءت سحابة من نحو جدة يسمع فيها الرعد ويرى

الصفحة 86