كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

وأخذ كسوة البيت فقسمها بين أصحابه، ونهب دور مكة، ثم رد الحجر بعد مكثه عندهم اثنتين وعشرين سنة.
وإنما حرست الكعبة من الفيل دون الحجاج ونحوه؛ لأن هذا بعد استقرار الدين، فاستغنى عن آيات تأسيسه، وأصحاب الفيل كانوا قبل ظهور النبوة، فجعل المنع آيةً لتأسيسها.
فالجواب بأن الحجاج ما قصد التسلط على البيت، بل الاحتيال لإخراج ابن الزبير، فيه نظر، على أنه منتقضٌ بفعل هذا الملحد القرمطي؛ فإنه لم يقصد إلا التسلط على البيت وأهله.
وأجيب -أيضاً- بأن ما وقع فيه في الإسلام من القتال ونهب الأموال، إنما كان بأيدي المسلمين، فهو مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم : ((ولن يستحل هذا البيت إلا أهله))، فوقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، وهو من علامات نبوته.
وإثبات الأهلية والإسلام لأولئك الفجرة الذي جسروا على حرمة البيت، إنما هو باعتبار الغالب، فلا ينافي كفر الحجاج عند طائفة من العلماء، وهو الصواب إن صح ما نقل عنه، أنه رأى جماعةً محدقين بالحجرة [الكريمة] النبوية -على مشرفها أفضل الصلاة والسلام-

الصفحة 91