كتاب المناهل العذبة في إصلاح ما وهي من الكعبة

لزيارته، فقال: ما بال هؤلاء؟! وهل يطوفون إلا بعظام بالية؟!
وحكي عنه قبائح أخرى نحو ذلك.
ولا ينافي -أيضاً- الحكم على القرامطة بالكفر والإلحاد لأنهم من الإسماعيلية الذين هم أقبح كفراً، وأسخف عقلاً، من [كثير من] الملل الفاسدة؛ لاستحلالهم -مع شناعة رأيهم وإلحادهم- نكاح المحارم، ومثابرتهم عليه.
واعلم أن الصحيح الذي صرحت به الأحاديث الصحيحة، أن صيرورة مكة وحرمها آمناً من الجبابرة والخسف ونحوهما، كان منذ خلق الله السموات والأرض، وإبراهيم صلى الله عليه وسلم إنما أظهر حرمتها -بسؤاله المذكور في القرآن- لما اندرس البيت من الطوفان ونسي حكمه وهجر.
أو أنه لم يسأل إلا أمناً مخصوصاً، كالأمن من الجدب والقحط، أي القاتل، وإلا فكم وقع بها من جدب لا يطاق.
(تنبيه آخر): صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسجد الحرام أول مسجد وضع في الأرض، وأن المسجد الأقصى وضع بعده بأربعين سنة، ولا ينافيه ما صح أن سليمان بنى الأقصى مع أن بينه وبين إبراهيم صلى الله عليه وسلم -الباني للمسجد الحرام بنص القرآن- أكثر من ألف سنة؛ لأن سليمان مجدد لا منشئ، وكذا أبوه داود صلى الله عليهما وسلم، والمنشئ إما إبراهيم، وإما يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم كما ورد، ولا إشكال حينئذ.

الصفحة 92