كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 4)

ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَتَّابٍ الْعَبْدِيُّ. قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ: مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. قَالَ:
فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَزْعُمُونَ فِي الْمُغْتَسَلِ يُرَجِّلُ [ (23) ] رَأْسَهُ قَدْ رَجَّلَ أَحَدَ شِقَّيْهِ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى فَارِسٍ عَلَيْهِ لَأْمَتُهُ، حَتَّى وَقَفَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ. أَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ جِبْرِيلُ: لَكِنْ نَحْنُ لَمْ نَضَعْهُ مُنْذُ نَزَلَ بِكَ الْعَدُوُّ، وَمَا زِلْتَ فِي طَلَبِهِمْ. فَقَدْ هَزَمَهُمُ اللهُ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ عَلَى وَجْهِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَأَثَرَ الْغُبَارِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَمَرَكَ بِقِتَالِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَأَنَا عَامِدٌ لَهُمْ بِمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ لِأُزَلْزَلَ بِهِمُ الْحُصُونَ، فَاخْرُجْ بِالنَّاسِ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثَرِ جِبْرِيلَ، فَمَرَّ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي غَنْمٍ وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُمْ: مَرَّ عَلَيْكُمْ فَارِسٌ آنِفًا؟ فَقَالُوا: مَرَّ عَلَيْنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، عَلَى فَرَسٍ أَبْيَضَ، تَحْتَهُ نَمَطٌ أَوْ قَطِيفَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ، عَلَيْهِ اللَّأْمَةُ فَذَكَرُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ذَاكَ جِبْرِيلُ.
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَبِّهُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ:
الْحَقُونِي بِبَنِي قُرَيْظَةَ، فَصَلُّوا فِيهِمُ الْعَصْرَ، فَقَامَ وَمَنْ شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقُوا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَحَانَتِ الْعَصْرُ، وَهُمْ فِي الطَّرِيقِ، فَذَكَرُوا الصَّلَاةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ أَمَرَكُمْ أَنْ تُصَلُّوا الْعَصْرَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ! وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى مِنْهُمْ قَوْمٌ، وَأَخَّرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الصَّلَاةَ، حَتَّى صَلَّوْهَا بِبَنِي قُرَيْظَةَ، بَعْدَ أَنْ غَابَتِ الشَّمْسُ، فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللهِ
__________
[ (23) ] (يرجل رأسه) : يسرحه.

الصفحة 12