كتاب دلائل النبوة للبيهقي محققا (اسم الجزء: 4)
وَبَعَثَ مَعَهُ ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا اللَّيْلَ وَيَكْمُنُوا النَّهَارَ، وَخَرَجَ مَعَهُمْ حُسَيْلٌ دَلِيلًا فَسَارُوا اللَّيْلَ وَكَمَنُوا النَّهَارَ حَتَّى أَتَوْا أَسْفَلَ خَيْبَرَ، فَنَزَلُوا سِلَاحَ [ (4) ] ثُمَّ خَرَجُوا حَتَّى دَنَوْا مِنَ الْقَوْمِ.
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِغَارَتِهِمْ عَلَى سَرْحِ الْقَوْمِ وَبُلُوغِ الْخَبَرِ جَمْعَهُمْ فَتَفَرَّقَ الْجَمْعُ فَخَرَجَ بَشِيرٌ فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى أَتَى مَحَالَّهُمْ فَيَجِدُوهَا وَلَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، فَرَجَعَ بِالنَّعَمِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِسِلَاحَ رَاجِعِينَ لَقُوا عَيْنًا [ (5) ] لِعُيَيْنَةَ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ لَقُوا جَمْعَ عُيَيْنَةَ وَعُيَيْنَةُ لَا يَشْعُرُ بِهِمْ، فَنَاوَشُوهُمْ حَتَّى انْكَشَفَ جَمْعُ عُيَيْنَةَ، وَتَبِعَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَأَصَابُوا مِنْهُمْ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ فَأَسَرُوهُمَا، فَقَدِمُوا بِهِمَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَا، فَأَرْسَلَهُمَا.
قَالَ وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَلَقِيَهُ مُنْهَزِمًا عَلَى فَرَسٍ لَهُ عَتِيقٍ يعدوا بِهِ عَدْوًا سَرِيعًا فَاسْتَوْقَفَهُ الْحَارِثُ فَقَالَ: لَا، مَا أَقْدِرُ! خَلْفِي الطَّلَبُ، أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ يَرْكُضُ. قَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ أَمَا آنَ لَكَ تَبْصُرُ بَعْضَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَطِئَ الْبِلَادَ وَأَنْتَ مُوضِعٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ، قَالَ الْحَارِثُ: فَتَنَحَّيْتُ عن سنين خَيْلِ مُحَمَّدٍ حَيْثُ أَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنِي، فَأَقَمْتُ مِنْ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ إِلَى اللَّيْلِ مَا أَرَى أَحَدًا وَمَا طَلَبُوهُ إِلَّا الرُّعْبَ الَّذِي دَخَلَهُ، قَالَ: فَلَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ: قَدْ أَقَمْتَ فِي مَوْضِعِي حَتَّى اللَّيْلِ مَا رَأَيْتُ مِنَ طَلَبٍ، قَالَ عُيَيْنَةَ: هُوَ ذَاكَ أَنِّي خِفْتُ الْإِسَارَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَالَ لَهُ الْحَارِثُ مِنْ نُصْرَةِ اللهِ تَعَالَى مُحَمَّدًا وَجَوَابِهِ بِأَنَّ نَفْسَهُ لَا تُقِرَّهُ، ثُمَّ ارْتِيَادَهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى مَا يَصْنَعُ قَوْمُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الَّتِي هم فيها [ (6) ] .
__________
[ (4) ] قال البكري: بكسر السين والحاء المهملة، وتبعه في عيون الأثر، وهي موضع أسفل خيبر.
«معجم ما استعجم» (2: 744) .
[ (5) ] العين: الجاسوس.
[ (6) ] وكله مبسوط في مغازي الواقدي (2: 727- 731) .
الصفحة 302