كتاب المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح (اسم الجزء: 4)
الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ إِنِّي بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ الله، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي الله وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ (¬1)».
قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ، فَقَالَ أَبِي: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ، فقَالَتْ أُمِّي: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ كَثِيرًا: إِنِّي وَالله لَقَدْ عَلِمْتُ أنكم سَمِعْتُمْ ما تحدث الناس به حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ وَالله يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَالله لَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلًا.
زَادَ أَبُوأُسَامَةَ: وَالْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ, إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي وَالله يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وأنا أرجو أن يبرئني الله, وَأَنَّ الله مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَالله مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ الله مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ الله بالقرآن فِي
¬_________
(¬1) سقطت عليه من الأصل.
الصفحة 180