كتاب المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح (اسم الجزء: 4)

خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الارْضِ, ثُمَّ قَالَ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إِلَى {طَائِعِينَ}، فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الارْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ, وَقَالَ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} {عَزِيزًا حَكِيمًا} {سَمِيعًا بَصِيرًا} فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى, فَقَالَ: لَا أَنْسَابَ فِي النَّفْخَةِ الاولَى ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} فَلَا أَنْسَابَ عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ, ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الاخِرَةِ {أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} , وَأَمَّا قَوْلُهُ تعالى: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} فَإِنَّ الله يَغْفِرُ لِأَهْلِ الاخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ (¬1) , وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ, فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ الله لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا, وَعِنْدَهُ {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآيَة.
وَخَلَقَ الارْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَا الارْضَ, وَدَحْيَهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالْجِمَالَ وَالاكَامَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ, فَذَلِكَ قَوْلُهُ {دَحَاهَا} وَقَوْلُهُ {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} فَجُعِلَتْ الارْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ, وَخُلِقَتْ السَّمَوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ.
{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} سَمَّى نَفْسَهُ, ذَلِكَ (¬2) قَوْلُهُ: إني لَمْ أزَلْ كَذَلِكَ, فَإِنَّ الله لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ, فَلَا يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ عِنْدِ الله.
¬_________
(¬1) هكذا ثبت في الأصل مجودا، مثل رِوَاية الكافة، لكن ذكر القاضي أن الأصيلي رواه: ديونهم، والله أعلم (المشارق 1/ 421).
(¬2) في الصحيح زيادة: وذلك، فقد تكون سقطت على الناسخ من انتقَالَ النظر، أو هكذا هي في الرِوَاية.

الصفحة 312