كتاب السيرة النبوية لابن كثير (اسم الجزء: 4)

ثُمَّ سَرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَسْمَاءَهُمْ.
قَالَ: وَفِيهِمْ أنزل الله عزوجل: " وهموا بِمَا لم ينالوا (1) ".
* * * وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبى إِسْحَاق، عَن الاعمش، عَن عَمْرو ابْن مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُودُ بِهِ وَعَمَّارٌ يَسُوقُ النَّاقَةَ - أَوْ أَنَا أَسُوقُ وَعَمَّارٌ يَقُودُ بِهِ - حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَقَبَةِ إِذَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا (2) قَدِ اعْتَرَضُوهُ فِيهَا، قَالَ: فَأَنْبَهْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَرَخَ بِهِمْ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ.
فَقَالَ لَنَا رَسُولُ الله: " هَلْ عَرَفْتُمُ الْقَوْمَ؟ " قُلْنَا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ، وَلَكِنَّا قَدْ عَرَفْنَا الرِّكَابَ.
قَالَ: " هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
وَهَلْ تَدْرُونَ مَا أَرَادُوا؟ " قُلْنَا: لَا.
قَالَ: " أَرَادُوا أَنْ يَزْحَمُوا رَسُولَ اللَّهِ فِي الْعَقَبَةِ فَيُلْقُوهُ مِنْهَا ".
قُلْنَا: يَا رَسُول الله أَولا تَبْعَثُ إِلَى عَشَائِرِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْكَ كُلُّ قَوْمٍ بِرَأْسِ صَاحِبِهِمْ؟ قَالَ: " لَا، أَكْرَهُ أَنْ تَتَحَدَّث الْعَرَب بَينهَا أَن مُحَمَّدًا قَاتل بقَوْمه، حَتَّى إِذَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ يَقْتُلُهُمْ ".
ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ ارْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ " قُلْنَا: يَا رَسُول الله وَمَا الدُّبَيْلَة؟ قَالَ: " هِيَ شهَاب من نَار تقع عَلَى نِيَاطِ قَلْبِ أَحَدِهِمْ فَيَهْلِكُ ".
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبى نَضرة، عَن قيس بن عبَادَة، قَالَ: قُلْتُ لِعَمَّارٍ: أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا، فِيمَا كَانَ من أَمر على، أرأى رَأَيْتُمُوهُ أم شئ عَهده إِلَيْكُم رَسُول الله؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا لم يعهده
__________
(1) سُورَة التَّوْبَة (2) غيرا: رجلا.
(*)

الصفحة 36