كتاب الممتع في شرح المقنع ت ابن دهيش ط 3 (اسم الجزء: 4)

وأما كون الإلقاء في ماء يغرقه أو نار لا يمكنه التخلص منها عمداً؛ فلأن الموت حصل بعد فعل يغلب على الظن إسناد القتل إليه. فوجب كونه عمداً؛ لما تقدم.
وأما قول المصنف رحمه الله: في ماء يغرقه أو نار لا يمكنه التخلص منها؛ فتنبيه على أن الماء إذا كان لا يغرق مثله والنار يمكن التخلص منها لا يكون عمداً لأن ذلك لا يقتل غالباً. أشبه ما لو ضربه بمثقل صغير في موضع لا يقتله مثله غالباً.
قال: (الخامس: خنقه بحبلٍ أو غيره، أو سد فمه وأنفه، أو عصر خصيتيه حتى مات).
أما كون الخامس مما ذكر ما ذكر؛ فلأنه يلي الرابع.
وأما كون كل واحد من الخنق وسد الفم مع الأنف وعصر الخصيتين عمداً؛ فلأن ذلك يقتل مثله غالباً. أشبه ما تقدم.
وأما قول المصنف رحمه الله: أو سد فمه وأنفه فظاهره أنه يعتبر سد الفم والأنف جميعاً. وهو صحيح لأن الحياة في الغالب لا تفوت إلا بسدهما. وأنه لا فرق في السد والعصر بين طول المدة وقصرها.
وقال في المغني: إن فعل ذلك في مدة يموت في مثلها غالباً فمات فهو عمد فيه القصاص. ولا بد من ذلك؛ لأن المدة متى كانت يسيرة لا يغلب على الظن أن الموت حصل به.
قال: (السادس: حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات جوعاً وعطشاً في مدة يموت في مثلها غالباً).
أما كون السادس مما ذكر ما ذكر؛ فلأنه يلي الخامس.
وأما كون الحبس والمنع من الطعام والشراب حتى يموت جوعاً وعطشاً في المدة المذكورة عمداً؛ فلأن الله تعالى أجرى العادة بالموت عنده فإذا تعمده الإنسان فقد تعمد القتل.
وأما كون ذلك في مدة يموت في مثلها غالباً؛ فلأن الناس يختلفون في ذلك لأن الزمان إذا كان شديد الحر وكان الإنسان جائعاً مات في الزمن القليل، وإذا كان شبعاناً والزمان معتدل أو بارد لم يمت إلا في الزمان الطويل.

الصفحة 11